قلبه سليماً صحيحاً لنضحت جوارحه بما ينبئ عن صلاح قلبه، لكن الواقع أن الأمر على العكس تماماً، هو يقول العبرة بما في القلب، طيب الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب».
إذاً: علينا أن نهتم بإصلاح الظواهر كما نهتم بإصلاح البواطن، ولا نغتر بهذه الكلمة التي تصدر من بعض الجهلة، وهي أن العبرة بما في الباطن فقط، لا؛ لأن الظاهر والباطن مترابطان متعاونان أشد التعاون فأحدهما يقوي الآخر كما ذكرنا آنفاً؛ من أجل ذلك كان من آداب مجالس العلم هو التقارب إلى أن هذه الظاهرة هي ظاهرة ليس لها علاقة بالقلب، لكن هذا التجمع وهذا التقارب في مجلس العلم يوجد ارتباطاً وثيقاً في القلوب أيضاً، ويؤكد لكم هذه الحقيقة العلمية الشرعية: تلك السنة التي هجرها وأعرض عنها أكثر أئمة المساجد، ولا يحافظ عليها إلا من كان متمسكاً بالسنة، وهي أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان من هديه وسنته أنه لا يكبر تكبيرة الإحرام إلا بعد أن يأمر بتسوية الصفوف، وأن يسويها كما جاء في الحديث كما تسوى الأقداح، فيقول لهذا: تقدم ولذاك تأخر حتى يصبح الصف كالبنيان مرصوص، ويوعدهم عليه السلام ويهددهم بمثل قوله:«لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم».
إذاً: تسوية الصفوف وعكسها كل منهما يؤثر في القلب صلاحاً أو فساداً: «لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم»(١).
فإذاً: هذا أيضاً مما يؤكد أن الظاهر له تأثير في الباطن حتى ظواهر الأشخاص المتعددين، فضلاً عن ظاهر الشخص نفسه وذاته.