للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكشف عنها وبيانها ثم تلا الإسلام ما يسمى اليوم بعلم النفس على عجره وبجره، فقد استطاعوا فعلاً أن يكشفوا بجهودهم المتتابعة والمتتالية شيئاً يسيراً جداً من هذا الموضوع الذي كان الإسلام إليه سابقاً كل الاجتهادات وكل الفلسفات ولا أقول الديانات؛ لأن هذه ديانات غير واضحة، ولم ترد إلينا كاملة.

فأقول: هناك أحاديث كثيرة وكثيرة جداً تؤكد هذه الظاهرة النفسية من الارتباط الوثيق بين القلب والبدن، بين الباطن والظاهر، فمنها قوله عليه الصلاة السلام في حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».

فهذا الحديث صريح جداً في شطره الأخير: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، فصلاح الجسد إذاً من الناحية النفسية والمعنوية كافٍ من الناحية المادية الطبية، صلاح البدن بصلاح القلب ظاهراً وباطناً، فإذا صلح القلب صلح الجسد، والجسد إذا صلح أيضاً كان ذلك مدعاة لصلاح القلب، ولذلك ففي الحديث تنبيه قوي جداً على أن المسلم لا ينبغي أن يغتر بقوله: أنا طويتي صحيحة وسالمة ونيتي طيبة، لكن عمله ليس كنيته التي يزعمها أنها صالحة وطيبة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - يكذبه في هذا الحديث حينما يقول: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» يعني أن القلب إذا كان

<<  <  ج: ص:  >  >>