للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤثر في الباطن، ولابن تيمية رحمه الله كلام جميل جداً يقول إن التشابه في الظواهر يوجد ارتباطاً بين القلوب، يضرب بعض الأمثلة أذكر بعضها، يقول مثلاً: الرجل الغريب في بلد ما إذا وجد فيه غريباً مثله مال إليه؛ لأن هناك تجانس بلديٍّ فهو يميل إليه ويؤالفه أكثر من أولئك الغرباء الذين هو يعيش بين ظهرانيهم، كذلك يضرب مثلاً آخر فيقول مثلاً: جندي يلبس ثياب الجند فحينما يرى شخصاً آخر يلبس نفس اللباس أيضاً يميل إليه ويركن إليه ويتآنس معه من باب: إن الطيور على أشكالها تقع.

فإذا رأيت مسلماً يتشبه بالكافر، يخالط كافراً، معنى ذلك أنه وجدت هناك مجانسة قلبيه بينه وبين ذاك الكافر أو المشرك، لذلك حذر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المسلم من مخالطة المشرك، ومن مساكنته أشد التحذير، فقال في حديث آخر غير الحديث السابق، قال عليه الصلاة والسلام: «أنا بريء من كل مسلم أقام بين ظهراني المشركين» (١).

قال في حديث ثالث: «المسلم والمشرك لا تتراءى نارهما» (٢) يعني: ابعد عن مجاورة المشرك بعيداً بعيداً على عادتهم القديمة أنهم كانوا يوقدون النيران أمام الخيام، فينبغي أن يكون المسلم في خيمته بعيداً عن خيمة المشرك، بحيث أنهما إذا أوقدا النيران لا تظهر نار هذا لهذا والعكس بالعكس.

كل هذا محافظة منه عليه الصلاة والسلام على قلب المسلم أن يتأثر بهدي المشرك وعاداته وتقاليده وأخلاقه، وهذا معناه يؤكد قاعدة، هذه القاعدة هي أن


(١) المعجم الكبير (٢/ ٣٠٣رقم٢٢٦٤).
(٢) الصحيحة (٦/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>