معاكس له، إذا أطلق عندهم العرب فالمراد بهم: المسلمون خلاف العرب الذين يزعمون أنهم يدعون إلى القومية العربية، الله أكبر، مفارقات عجيبة جداً.
الأعاجم إذا قالوا فلان عربي يعني مسلم عربي، أما العرب إذا قال فلان عربي سواءً كان نصراني ولّا يهودي ولّا لا ديني عرب وانتهى الأمر.
فالأعاجم كانوا من قبل يطلق على من ليس مسلماً، ولذلك قال عليه السلام في الحديث الذي فيه أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى ذات يوم بأصحابه صلاة الظهر، وهو جالس، فقام مع أصحابه من خلفه قياماً فأشار إليهم أن اجلسوا، فجلسوا لما سلم قال:«إن كدتم أن تفعلوا آنفاً فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوسهم وهم جالسون، إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا صلى قائماً فصلوا قياماً، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعين».
ففي هذا الحديث اهتمام الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بالمسلمين من حيث أنه يجب عليهم أن يحافظوا على شخصيتهم المسلمة، وأن يتميزوا فيها عن الأعاجم أي: الكفار حتى في الصلاة، حتى لو أدى بهم ذلك إلى أن يتركوا ركناً الأصل فيه أنه ركن أي: الصلاة فلإبطال هذه الظاهرة الوثنية التي كان عليها الأعاجم من حيث أنهم يقومون على رؤوسهم وهم قيام، قال لهم: اجلسوا، مع أننا نعلم جميعاً لا فرق بين عالم وغير عالم، ومثقف وغير مثقف الفرق الجوهري بين ظاهرة الأعاجم الذين يقومون على رؤوس ملوكهم، وظاهرة قيام أصحاب الرسول خلف الرسول في الصلاة حيث أنهم قاموا لله قانتين، إنما يقصدون بقيامهم ربَّ العالمين، وحيث إن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ما جلس متكبراً متعجرفاً على القائمين خلفه، وإنما جلس مضطراً مع هاتين الفارقتين الكبيرتين بين ظاهرة المسلمين خلف الرسول، وظاهرة الأعاجم خلف ملوكهم مع ذلك قال: «لا تتشبهوا في الصلاة لا تقوموا خلفي اجلسوا، وإذا