الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»، أقول: لا شك أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - جاء لإصلاح القلوب، ولكنه لم يأت فقط لإصلاح القلوب بل ولإصلاح الظاهر أيضاً، ذلك لأن هذه الظواهر تنبئ عن البواطن، في ذلك يقول العلماء الظاهر عنوان الباطن، ويقول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في الحديث الآخر الذي يربط فيه العمل وهو ظاهر بالقلب وهو باطن لا يعلم ما في القلوب إلا الله عز وجل فيقول - صلى الله عليه وآله وسلم - تعبيراً عن هذه الحقيقة:«إن الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولا إلى أجسادكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»، «ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم»(١)، وبهذه المناسبة أقول من الخطأ الشائع والفاحش أن يقال في بعض المناسبات إن العبرة بما في القلب؛ لا، هذا كلام ناقص، العبرة بما في القلب وما في العمل، ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ذكر في الحديث السابق:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب»، ولذلك كما جاء النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - لإصلاح القلوب جاء أيضاً لإصلاح الأعمال، ومما لا شك فيه أنه يدخل في الأعمال [انقطاع]- صلى الله عليه وآله وسلم - جاء لإصلاح القلوب والأعمال أيضاً بدليل تلك النصوص، ولا شك ولا ريب أن الأقوال من جملة الأعمال وإذا الأمر كذلك؛ فينبغي أن تكون أقوالنا في حد ذاتها صالحة كالعمل، وكما أنه لا يجوز لمسلم أن يأتي بعمل ثم يظهر أن هذا العمل مخالف للشرع فيرقعونه بحجة أن نيته طيبة، هذا ترقيع؛ ذلك لأنه لا يشفع للعمل الطالح النية الصالحة؛ أي: إذا كان العمل مخالفاً للشرع وكانت النية صالحة هذه النية الصالحة لا تقلب العمل الطالح المخالف للشرع إلى عمل صالح، كما أنه على العكس من ذلك تماماً، لو كان العمل صالحاً