وإنما توجه إلى إصلاح تلك الأقوال؛ لأنه مكلف من رب العالمين أن يصلح الأعمال والأقوال مع القلوب بذلك الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد رحمه الله في «مسنده» من حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يخطب يوماً فقام رجل من الصحابة فقال ما شاء الله وشئت يا رسول الله، ما شاء الله وشئت، فقال عليه الصلاة والسلام بشيء من الانزعاج والغضب:«أجعلتني لله نداً؟ قل: ما شاء الله وحده» وفي الرواية الأخرى قل: «ما شاء الله ثم شئت»، ما أكثر ما نسمع الآن عدم التجاوب من كثير من المسلمين مع هذا التوجيه النبوي الكبير في هذا الحديث؛ ذلك لأن كثيراً من العرب المسلمين عادوا كالعجم المسلمين يعني ما يعرفون لغتهم العربية، ولا يفرقون بين قول القائل: ما شاء الله ثم شئت، وبين قول القائل: ما شاء الله وشئت، ويكاد كثير من الناس حينما يقرؤون هذا الحديث أو يسمعونه لا يفهمون السر في كون الرسول غضب من ذاك الصحابي حينما قال: ما شاء الله وشئت، وعاد الرسول عليه السلام بالإنكار، وأَصَّل له العبارة وقال: قل: ما شاء الله وحده، أو ما شاء الله ثم شئت، والفرق أن الواو في اللغة العربية تفيد الجمع، إذا قال القائل: جاء الملك والوزير، معناه جاؤوا معاً، أما إذا قال القائل جاء الملك ثم الوزير معناه: أن الملك جاء متقدماً، ثم الوزير جاء متأخراً، لهذا السبب أنكر الرسول عليه السلام قول ذلك القائل ما شاء الله وشئت؛ لأنه قرن مشيئة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وجمعها مع مشيئة الله {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين} فمشيئة الله هي الغالبة ومشيئة عباده هي من مشيئة الله وبعد مشيئة الله تبارك وتعالى، لو رجعنا إلى ذلك القائل: ما شاء الله وشئت، ودققنا في قوله عليه السلام: أجعلتني لله نداً أي شريكاً، وسألناه: هل أنت تعني أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - ند وشريك مع الله؟ لقال: أعوذ بالله أنا ما آمنت به نبياً ورسولاً إلا فراراً من الإشراك بالله تبارك وتعالى، مع ذلك فقد أنكر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عليه تلك اللفظة لأنها