أن يبارك الله في قولك الطيب أيضاً لازم يلتزم القول الصالح كما قلنا مع العمل الصالح.
لقد وصلت عناية النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بتوجيه المسلمين إلى إحسان الكلام والتلفظ به إلى أمر عجيب جداً يغفل عنه جماهير المسلمين ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام:«لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن لقست» شو معنى لقست: خبثت، لغةً المعنى واحد، «لا يقولن أحدكم خبثت نفسي لكن ليقل لقست"، والمعنى واحد، لكن اللفظ الخبيث خبيث في عرف الناس، ولذلك قد يقال بلفظة تؤدي نفس المعنى ولكن تكون اللفظة في ذاتها ألطف لفظاً وعرفاً.
مثاله من واقع الناس بدل ما يقول الرجل: زوجتي قالت لي كذا، امرأتي قالت لي كذا، يقول قالوا لي في البيت، المعنى واحد لكن بدل ما يذكر زوجته أمام رجل غريب، ويخلي الذهن يشتغل بهذه اللفظة، يبتعد في اللفظ ويقرب في التعبير والمعنى، فيقول قالوا في البيت؛ هذا مثال يقرب كل ما سبق الكلام عليه آنفاً.
الشاهد من هذا الحديث الأخير المسلم كما جاء في باب الأحاديث كالسنبلة تأتي الرياح فتميل بها يميناً ويساراً وأحياناً تستقيم، هذا الميل هو كناية عن الميل مع الأهواء والشهوات، فهنا يشعر الإنسان في هذا الميل بأنه نفسه أصابها شيء من الخباثة فهو يريد أن يعبر عنها فلا يقول ولا يكون التعبير باللفظ خبثت ولكن بلفظ لقست.
إذا كان هذا شأن الإسلام في توجيه ألفاظ أتباعه حتى فيما يتعلق بنفوسهم الخبيثة؛ فكيف يجوز للمسلم أن يأتي بلفظة تتعلق بدينه بنبيه بربه أولى وأولى ألا يكون هذا جائزاً، قلنا آنفاً: إنه عليه السلام كما جاء لإصلاح القلوب والأعمال،