حكى عن أبي المعين النسفي أنه طعن في صحة الحديث " الإيمان بضع وسبعون شعبة ... " مع احتجاج كل أئمة الحديث به ومنهم البخاري ومسلم في " صحيحيهما " وهو مخرج في " الصحيحة "(١٧٦٩) وما ذلك إلا لأنه صريح في مخالفة مذهبهم.
ثم كيف يصح أن يكون الخلاف المذكور صوريًّا؛ وهم يجيزون لأفجر واحد منهم أن يقول: إيماني كإيمان أبي بكر الصديق بل كإيمان الأنبياء والمرسلين وجبريل وميكائيل عليهم الصلاة والسلام، كيف وهم بناءً، على مذهبهم هذا لا يجيزون لأحدهم - مهما كان فاسقاً فاجراً - أن يقول: أنا مؤمن إن شاء الله تعالى، بل يقول: أنا مؤمن حقاً، والله عز وجل يقول:{إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون. أولئك هم المؤمنون حقا}(الأنفال: ٢ - ٤){ومن أصدق من الله قيلا}(النساء: ٢٢).
وبناء على ذلك كله اشتطوا في تعصبهم فذكروا أن من استثنى في إيمانه فقد كفر وفرعوا عليه أنه لا يجوز للحنفي أن يتزوج بالمرأة الشافعية وتسامح بعضهم - زعموا - فأجاز ذلك دون العكس وعلل ذلك بقوله: تنزيلا لها منزلة أهل الكتاب.
وأعرف شخصاً من شيوخ الحنفية خطب ابنته رجل من شيوخ الشافعية فأبى قائلا: ... لولا أنك شافعي! فهل بعد هذا مجال للشك في أن الخلاف حقيقي؟ ومن شاء التوسع في هذه المسألة فليرجع إلى كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية:" الإيمان " فإنه خير ما ألف في هذا الموضوع.