للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وينقص, زيادته بالطاعة, ونقصانه بالمعصية, المرجئة ينكرون هذه الحقيقة الشرعية, ويقولون: بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص, فاتهام من أشرت إليهم والعهدة على الراوي اتهام هؤلاء الكاتبين في العصر الحاضر أهل السنة بأنهم مرجئة في مسألة الإيمان, فذلك يدل دلالة واضحة على أحد أمرين اثنين وأحلاهما مر؛ إما أنهم يجهلون هذه الحقيقة, وإما أنهم يتجاهلونها, كيف يتهم من يقول الإيمان يشمل العمل الصالح, والإيمان يزيد وينقص, كيف يتهم هؤلاء بأنهم مرجئة, والمرجئة يخالفون هؤلاء جذريّاً فيقولون: الإيمان لا يشمل العمل الصالح, ولا يقبل الزيادة والنقصان, حتى رووا عن أحد كبارهم أنه كان يقول: إيماني كإيمان جبريل عليه السلام, وهو قد يكون صادقاً مع نفسه, لكنه ليس صادقاً مع نص كتاب ربه حينما يقول: إيماني كإيمان جبريل؛ لأنه يعتقد أن الإيمان ليس له علاقة بالصلاة والعبادة والتقوى, وإنما هو إيمان, وهذا الإيمان الذي هو مجرد الاعتقاد لا يقبل الزيادة والنقصان؛ لأنه إن نقصت تحت اليقين دخله الريب والشك حين ذاك لا يفيد, لكن الإيمان لا يقبل الجمود كهذا النور كهذا المكان مهما سلطت فيه من أنوار فهو يتسع ويتسع إلى ما لا حدود له, فإذن اتهام أهل السنة من هؤلاء الذين يبدوا مما سمعت من السؤال يلحقون بالخوارج أولئك الذين يقولون بمثل هذه الكلمة, ويكفرون من ارتكب كبيرة من الكبائر, ويخالفون في ذلك نصوص كثيرة وكثيرة جدًّا من الكتاب والسنة, فيا عجباً كيف يتهمون جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين وأتباعهم الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأنهم خير قرون يتهمونهم بأنهم مرجئة, ويخالفون بذلك أساطيل من نصوص الكتاب والسنة, والأمر في ظني لا يتطلب توسعاً في رد هذه الفرية أكثر مما ذكرته آنفاً ولعل في هذا كفاية إن شاء الله.

" الهدى والنور" (٧٦٤/ ٣٣: ١٦: ٠٠ طريق الإسلام)

<<  <  ج: ص:  >  >>