للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسف ليس نظرياً بل أمراً واقعياً، فقد خرج كثيرون ممن يعني ينتمون للإسلام وقد ينتمون للكتاب والسنة، وقد يكون فيهم من ينتمي إلى السلف الصالح لكنهم ما عرفوا بعد منهج السلف الصالح، فكثير من هؤلاء قد خرجوا على الحكام وكانوا سبباً كبيراً جداً لسفك دماء المسلمين من الفريقين الذين خرجوا، والذين خرجوا عليهم، فأي فتنة أشد من هذه الفتنة؟!

أنا قلت في كثير مما تحدثنا في هذه المسألة، وسجل الشيء الكثير منها أننا نقول: لو وجد في هؤلاء الحكام من أعلن كفره بالإسلام، وأعلن ردته عن الإسلام بحيث لم يبق لمتأول مجال للتأويل، أنا أقول: لا يجوز الخروج عليهم، ليس من حيث النص الشرعي؛ وإنما هو من حيث ملاحظة القواعد الإسلامية التي منها ترجيح المفسدة الغالبة على المصلحة، والتي منها ما أشار إليه الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث: «لولا أنا قومك حديثوا عهد بالشرك لهدمت الكعبة، ولبنيتها على أساس إبراهيم عليه السلام، ولجعلت لها بابين مع الأرض باب يدخلون منه وباب يخرجون منه» (١)، كم في هذا الإصلاح من فائدة ومن تيسير لعملية الحجاج وأداء مناسكهم، لم يصنع ذلك رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو القادر عليه قدرة وقوة، وكان متمكناً؛ لأن الله نصره على المشركين كافة، لكنه نظر إلى بعيد، فقال: لولا أن قومك حديثو عهد بالشرك، وأنا أقول: لو أن حاكماً من هؤلاء الحكام أعلن كفره على الناس من الذين يخرجون عليهم، من الذين يستطيعون أن يقاتلوهم، وأين المسلمون الذين أخذوا على الأقل بمثل قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الأنفال:٦٠) لا


(١) البخاري (رقم١٥٠٩) ومسلم (رقم٣٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>