خير أب، قال: فإني مذنب مع ربي، ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» هل ترونه مؤمناً وهو يقول:(إن قدر الله علي)؟ هذا شك في قدرة الله عز وجل، إذاً نستطيع أن نقول: هل أخطأ في الفرع أم أخطأ في أصل الأصول في الله عز وجل الذي ذكر في خاتمة سورة يس: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ}(يس:٧٨)؟ هذا الإنسان هو هذا الذي عناه الله عز وجل في هذا المثال، قال هذا الرجل:«ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» يعترف بأنه كان مخطئاً مع ربه، وأن الله عز وجل إذا عذبه يكون عادلاً؛ لأنه كان مخطئاً معه، فللخلاص من عذابه دار في ذهنه مخرج مخلص، فأوصى بوصية في علمه وفي اعتقاده لم يقع مثلها في الدنيا من غير هذا الإنسان، «قال: فإذا أنا مت فحرقوني بالنار، ثم خذوا رمادي فذروا نصفه في البحر ونصفه في الريح» أحرقوه بالنار وأخذوا رماده والريح يهوج فذروه في الريح، والنصف الثاني في البحر، لماذا فعل هذا الرجل هذه الفعلة؟ ظن أنه يضل عن ربه، وأن الله عز وجل ليس بقادر على أن يقول له: كن بشراً سوياً، لكن الله عز وجل فعل ذلك به، فلما مات وذروا رماده في الريح وفي البحر قال الله له: كن فلاناً، فكان بشراً سوياً، قال له .. هنا الشاهد:«قال له: أي عبدي ما حملك على ما فعلت؟ قال: يا رب خشيتك -أنا خفت منك- قال: اذهب فقد غفرت لك».
هذا الحديث وقد عرفتم أنه من صحاح الأحاديث في البخاري ومسلم وعن صحابيين جليلين: أبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان، هذا الحديث من مخصصات عموم قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}(النساء:٤٨)، في هذا الحديث قد غفر الله لهذا الجاني على نفسه بوصيته الجائرة.
لكن هنا لا بد لي من وقفة، وهذا من العلم الذي نحن بحاجة إليه باعتبارنا