للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب: قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (الجاثية:٢٣)، فإذاً كل من كفر بكفرية ما يكون مشركاً مع الله؛ لأنه جعل عقل نفسه شريكاً مع ربه تبارك وتعالى؛ ولذلك لا تفرقوا بين الكفر والشرك، إذا عرفتم هذه الحقيقة فيزول إشكال قد يعرج أحياناً في البال لبعض من يسمع حديث الرسول عليه السلام بروايته: «من ترك الصلاة فقد كفر»، «من ترك الصلاة فقد أشرك»، كيف هذا؟

الذي يفرق بين الكفر والشرك يشكل عليه لفظة: (أشرك)، لا، الصواب أن يقال: كفر، كذلك الحديث الآخر: «من حلف بغير الله فقد كفر»، «من حلف بغير الله فقد أشرك»، كفر أشرك، أشرك كفر، لا فرق بين اللفظين من حيث الاصطلاح الشرعي، من حيث الاصطلاح اللغوي في فرق بلا شك، لكن الشرع فتح بصائرنا وأفكارنا وأفهمنا لماذا كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من الكفر يكون مشركاً؛ لأنه شرَّك عقله مع ربه عز وجل فجعله شريك فيما يصدر منه من قرار ومن حكم.

إذا عرفنا هذا نعود إلى وصية ذلك الرجل: «غفر الله له»، لماذا؟

هنا كان بيت القصيد من الاستدلال بالحديث؛ لأن الكفر لم يعقد في قلبه، إنما عرض له لشبهة طرأت له من هول تصوره لعذاب ربه له فيما إذا تمكن منه، فليتخلص من هذا العذاب الذي هو يستحقه أوصى بتلك الوصية الجائرة، فإذا أصابت مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله يؤمن بكتاب الله وبحديث رسول الله فتأول نصاً من كتاب الله، إن كان تأوله وهو يعلم أنه مبطل فهو كافر، أما إن كان شُبِّه له فلا مؤاخذة عليه.

وهذا هو نهاية الجواب عن ذلك السؤال.

"الهدى والنور" (٧٢٤/ ٥٥: ٠٠: ٠٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>