إذاً: إذا نحن أردنا أن نقيم حكم الله عز وجل في الأرض، هل نبدأ بقتال الحكام ونحن لا نستطيع أن نقاتلهم، أم نبدأ بما بدأ به الرسول عليه السلام؟!
لا شك أن الجواب:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}(الأحزاب:٢١)، بماذا بدأ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -، تعلمون بأنه بدأ بالدعوة بين بعض الأفراد الذين كان يظن فيهم أنهم عندهم استعداد لتقبل الحق، ثم استجاب له من استجاب كما هو معروف في السيرة النبوية، ثم الضعف والشدة التي أصابت المسلمين في مكة، ثم الأمر بالهجرة الأولى والثانية .. إلى آخر ما هنالك، حتى وطد الله عز وجل الإسلام في المدينة المنورة، وبدأت هناك المناوشات، وبدأ القتال بين المسلمين وبين الكفار من جهة ثم اليهود من جهة أخرى .. وهكذا.
إذاً: لا بد أن نبدأ نحن بالتعليم كما بدأ به الرسول عليه السلام، لكن نحن لا نقول الآن بالتعليم، أي: لا نقتصر فقط على كلمة تعليم الأمة الإسلام؛ لأننا في وضع الآن من حيث أنه دخل في التعليم الإسلامي ما ليس من الإسلام بسبيل إطلاقاً، بل ما به يخرب الإسلام ويقضى على الثمرة التي يمكن الوصول إليها بالإسلام الصحيح، ولذلك فواجب الدعاة الإسلاميين أن يبدؤوا بما ذكرت آنفاً، بتصفية هذا الإسلام، مما دخل فيه من الأشياء التي تفسد الإسلام، ليس فقط في فروعه في أخلاقه، بل وفي عقيدته أيضاً.
والشيء الثاني أن يقترن مع هذه التصفية تربية الشباب المسلم الناشئ على هذا الإسلام المصفى، ونحن إذا درسنا الجماعات الإسلامية القائمة الآن منذ نحو قرابة قرن من الزمان، لوجدنا كثيراً منهم لم يستفيدوا شيئاً رغم صياحهم ورغم زعاقهم أنهم يريدونها حكومة إسلامية، وربما سفكوا دماء أبرياء كثيرة وكثيرة جداً