المتخصصين في دراسة الكتاب والسنة، فإن هؤلاء فقط هم الذين يستطيعون أن يثبتوا إجماعاً صحيحاً، وهم الذين فقط يستطيعون أن يقيسوا النظير على النظير، والمثيل على المثيل، أما من دونهم من طلاب العلم فضلاً عن عامة الناس الذين ليس لهم صلة بالعلم مطلقاً فهؤلاء وهؤلاء لا يجوز لهم أن يتدخلوا في مثل هذه المسائل التي تبنى إما على الإجماع وإما على القياس.
إذا عرفنا هذه المقدمة وهي مقدمة لا يمكن أن يناقش فيها أحد من أهل العلم؛ لأنها قضية مسلمة لا نزاع فيها.
إذا عرفنا ذلك حينئذٍ ندخل في صلب هذه الفتنة التي ألمت بالعالم الإسلامي العربي خاصة، ثم الإسلامي عامة فإننا سنجد أن من آثار هذه الفتنة أن يتكلم فيها من لا علم عنده مطلقاً بالشريعة، فيقول: هذا فيه فلان من الناس إنه كافر أو في فلان من الناس: إنه مجاهد، أو فلان أصاب وفلان أخطأ، هؤلاء الناس لا يجوز لهم أن يصدروا رأياً لهم فيكونون والحالة هذه قد خالفوا الآية السابقة:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}(الإسراء:٣٦)، كما أنهم يخالفون قول الله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(النحل:٤٣) والرسول عليه السلام يأمر أهل العلم بأن يجيبوا إذا سئلوا، وألا يكتموا العلم الذين أعطوا كما قال عليه الصلاة والسلام:«من سئل عن علم فكتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار» والناس اليوم إما عالم وإما غير عالم، ولا حالة وسطى بين هؤلاء وهؤلاء.
وربنا عز وجل قد أوضح السبيل لكل من الطائفتين في قوله عز وجل:{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}(النحل:٤٣) فأهل الذكر عليهم البيان،