المعاصي، بل ومن الكبائر يخرج المسلم من دائرة الإسلام.
إذاً: ما معنى قوله عليه السلام: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن؟» أي: لا يكون مؤمناً كامل الإيمان، لكن هو بذلك لا يخرج عن دائرة الإسلام، وشبه بعضهم الإيمان بدائرة وحول هذه الدائرة دائرة أخرى تحيط بالدائرة الأولى، فحينما زنى الزاني خرج من الدائرة الأولى أي: الإيمان الكامل، لكنه ما خرج من الدائرة الأخرى وهي: دائرة الإسلام فهو لا يزال مسلماً.
كذلك كل من يعصي الله عز وجل أي معصية كانت، لا يجوز إخراجه من الدائرة الأخرى الكبرى وهي: دائرة الإسلام إلا إذا جحد شيئاً مما يتعلق بالدائرة الأولى أي: دائرة الإيمان، فإذا أنكر ما جاء في الشرع، وهذا الإنكار له علاقة بالإيمان حينئذ خرج عن دائرة الإيمان، وعن دائرة الإسلام.
فالآية السابقة:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة:٤٤) إن كان الذي لا يحكم ينكر صلاح الشريعة أن يحكم بها في كل زمان ومكان، فقد خرج عن الدائرتين: دائرة الإيمان، ودائرة الإسلام أي: صار مرتداً عن دين الله تبارك وتعالى.
أما إن كان يؤمن بما في الدائرة الأولى وهو: وجوب الحكم بما أنزل الله، لكن هو فعلاً كما قلنا آنفاً لا يحكم بما أنزل الله إما كلاً وإما جزءاً، فحينئذ خرج عن دائرة الإيمان الدائرة الكاملة، ولكنه لا يزال داخل الدائرة الأخرى وهي دائرة الإسلام؛ لذلك قال ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: ليس الأمر في تفسير هذه الآية: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة:٤٤) كما يقولون: أي: كما يقولون الغلاة قديماً، ويقول بعضهم اليوم حديثاً: