لا شك أنكم تعلمون أن المسلمين اختلفوا منذ القرن الأول من الخوارج ومن دونهم وتفرقوا في دينهم شيعاً وأحزاباً، لكن المصيبة اليوم تضخمت جداً بحيث أن المسلمين بالإضافة إلى ما توارثوه من مذهب وطرق مختلفة ومتدابرة ومتباغضة، وكل حزب بما لديهم يفرحون، فقد تجدد فيهم التحزب وتكتل جديد اقترن به أنه أصبح كل فرد ينتمي إلى حزب يتبنى أفكاراً معينة، ليس لأنه على علم بالكتاب والسنة، وإنما بأن حزبه الذي هو ينتمي إليه يرى هذا الرأي.
فأنا أردت أن أذيل بهذا التذييل بناء على ما سمعت آنفاً من السؤال، حزب التحرير يتبنى رأياً مثلاً، أو جماعة التبليغ أو الإخوان المسلمين .. إلى آخره، هذا التحزب وهذا التكتل الذي طرأ على الجماعات الإسلامية اليوم هو توسيع لدائرة التفرق الذي ورثناه خلفاً عن سلف، فأصبح الفرد الواحد الذي ينتمي إلى حزب قد يعد الألوف بل الملايين يتبنى رأي الرئيس الذي أسس هذه الجماعة أو رئس على هذه الجماعة دون أن يكون على علم من كتاب الله ومن حديث رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، والأمثلة كثيرة، ولا أريد الخوض إنما أردت التذكير، فالمثال بين أيديكم الآن، الآية مطلقة لكن الحزب الفلاني قصر معناها على الحاكم الرئيس الأعلى؛ لماذا؟ لأن هذا الحزب أو ذاك نصب نفسه لمحاربة الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، ثم نسي أن الحكم بغير ما أنزل الله لا ينكر فقط على هذا الرئيس، وإنما ينكر أيضاً على كل من له حكم على طائفة أو جماعة، لنقل: رئيس الحزب الفلاني، فهو أيضاً يصدق عليه مثل تلك الآية إذا ما حكم بغير ما أنزل الله عز وجل، فهذا الفرد من أفراد الحزب تبنى فهم الآية على خلاف ما عليه علماء المسلمين كما ذكرت لكم آنفاً، عموم النص يدل على أن من لم يحكم بما أنزل الله يشمل كل حاكم، وسبب ورود النص كذلك يشمل من هو دون الحاكم الأعلى.