كُفراً عملياً: قوله عليه السلام في حجة الوداع كما جاء في صحيح البخاري من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال له رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «استنصت لي الناس فخطبهم عليه الصلاة والسلام وقال: لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض» جملة يضرب بعضكم رقاب بعض هذا بلا شك عمل وهو تفسير لقوله عليه السلام: «من قبل كفاراً»«لا ترجعوا بعدي كفاراً» كيف؟ «يضرب بعضكم رقاب بعض» إذاً: هذا كفر عملي: «سباب المسلم فسوق وقتاله كفر» فهو لا يخرج عن الملة ولكن إذا اقترن مع قتال المسلم لأخيه المسلم استحلال دمه قلباً وهو يعتقد أنه مسلم حينئذٍ يتحول كفره العملي إلى كفر اعتقادي.
أنت تحتج بالإجماع الذي نقلته عن فلان وفلان من المتقدمين أو من المعاصرين، لا بد أنك قرأت في تفسير الأئمة لمثل قوله تبارك وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة:٤٤) أعني أنك قرأت أن الآية نزلت في اليهود الذين كانوا يدفعون بعضهم إلى أن يسألوا الرسول؛ لأنهم كانوا حزبين ومتخاصمين فيدفعون أحدهم ليسأل محمداً فإن أجابهم بما يوافقهم قبلوه وإلا رفضوه، ومن أئمة المفسرين المعروفين والمشهورين ابن جرير الطبري يقول في تفسير هذه الآية:{فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}(المائدة:٤٤)؛ لأنهم لا يؤمنون بحكم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قلباً؛ لأنهم هم في الأصل كفروا برسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - إلا إذا حكم لهم ولصالحهم فحينئذٍ يتبنون هذا الحكم؛ لأنه لصالحهم لكن إذا لم يكن لذلك فهم يرفضونه قلباً وقالباً.
ولذلك فهو يقرر وكذلك ابن كثير أنه لا يجوز سحب هذه الآية على المسلم الفاجر الفاسق الذي يدين ويؤمن بما أنزل الله عز وجل ولكنه قد يحكم إما في نفسه أو في غيره بخلاف ما حكم الله عز وجل في كتابه أو نبيه - صلى الله عليه وآله وسلم - في سنته، لا