للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذنبه وما تأخر.

الحقيقة هذا الكلام يخرج من أناس أفهم من بعيد أنهم كانوا حديثي عهد بالإسلام، لأنه ليس من الممكن من إنسان فهم نبيه عليه السلام في كماله السامي الذي لا مثل له، يقول: لماذا يتزوج الرسول، ولماذا ينام؟ ولماذا يفطر؟ الله غفر له، ماذا يريد أكثر من هكذا. لا ينبغي أن يقال هذا الكلام، لكن هكذا وقع.

المهم، فرجعوا إلى أنفسهم، قالوا: هذا رسول الله قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

إذاً: نحن لا بد أن نكد ونتعب ونتعبد لله حتى يغفر لنا الله.

ما هو السبيل في زعمهم؟

قال أحدهم: أما أنا فأصوم الدهر لا أفطر أبداً.

قال الآخر: أما أنا فأقوم الليل ولا أنام.

وقال الثالث: أما أنا فلا أتزوج النساء.

وانصرفوا، بعد قليل جاء الرسول عليه السلام فأخبر الخبر، خطب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - خطبة وجيزة فقال: «ما بال أقوام يقولون كذا وكذا وكذا، أما إني أتقاكم لله وأخشاكم لله، أما أني أصوم وأفطر، وأقوم الليل وأنام، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني» (١).

هنا الشاهد: «فمن رغب عن سنتي فليس مني» فهؤلاء الصوفية الصالحين قديماً لا أعني عن جماعة الشعراني وأمثاله ووحدة الوجود، لا، هؤلاء حادوا عن هدي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فجاءوا بأساليب بوذية هندية قديمة، توارثوها، ولعلهم كانوا من الأعاجم الذين دخلوا في الإسلام ولما يفقهوا الإسلام بعد، فجاءوا بطريقة تعذيب النفس بزعم تصفيتها، وهذا هو نبيكم - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: «فمن رغب عن سنتي فليس مني».

ثم إنه عليه السلام طبق هذا النهج في بعض أصحابه حينما بلغه عن عبد الله بن عمر بن العاص صحابي ابن صحابي رضي الله عنهما، بلغه أن أباه زوجه بفتاة


(١) البخري (رقم٤٧٧٦) ومسلم (رقم٣٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>