المسلم لا يتعلق بكونه في العقيدة دون الفروع، بل يتعلق بأن يتبين له الخطأ ثم يصر عليه عقيدةً وليس عملًا، ولما كانت الأحكام فيها عمل والعمل قد يصحبه عقيدة سيئة وقد لا يصحبه عقيدة سيئة، أما القسم الأول قسم العقائد فليس فيها عمل، فإذا تكلم أحد العلماء بعقيدة خالف فيها نص الكتاب والسنة في وجهة نظر الآخرين، فهل يكفر أم لا يكفر، كما لو أخطأ في حكم عملي، مثلًا لعلكم تعرفون بعض العلماء الموقرين يرون أن الخمر ليس كل خمر حرامًا خلافًا للحديث الوارد في صحيح مسلم:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام» بل يفصلون فيقولون: ما كان مستنبطًا من الخمر من العنب فهذا قليله وكثيره حرام، وما كان مستنبطًا من غيره فكثيره المسكر هو الحرام، أما قليله فحلال، هذا وجد في العراقيين من قال مثل هذا القول، وهو مصادم لقوله عليه السلام:"كل ما أسكر كثيره فقليله حرام"، فهل يكفر مثل هذا المخالف؟ الجواب: لا؛ لأنه صدر منه اجتهاد.
لكن لو جئنا إلى الخمر الذي اتفق على تحريمه فاستحله مستحل بقلبه، هذا ارتد عن دينه، مع أنه حكمًا ليس عقيدةً ولكن آنفًا أظن قبل ما يأتي كثير منكم، كنا نبين خطأ من يفرق في وجوب الأخذ بحديث الآحاد بين ما إذا كان فيه عقيدة أو كان في العقائد فلا يجوز الأخذ به بخلاف الأحكام فقد أثبتنا بشيء من التفصيل والبيان أن كل حكم شرعي يتضمن عقيدةً لا بد أن يتبنى المسلم لها وإلا لم يكن قوله بما تضمنه هذا الحكم مفيدًا له؛ لأنه أي حكم هذا حرام، والحرام يجب أن يكون في قلبه معتقدًا حرمته فإذا لم يعتقد ذلك فلا قيمة لهذا الحكم دون ذاك، فأقول: فإذا نقلنا موضوع الخمر من غير العنب وفي ذاك الخلاف الذي أشرت إليه آنفًا، إلى الخمر المجمع على تحريمه وصرح أحد المسلمين بأن هذا ليس بحرام كما هو الشأن في خمر غير العنب، لا شك أنه باعتقاده في هذا الحكم أنه غير