للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هواه لم ينكر -أيضاً- بيده، ولكنه أنكر ذلك بقلبه، فهذا الإنكار يرفع مسؤولية كونه أنه أقر هذا المنكر وبسبب هذا الإصرار كفر، لا، لا يكفر كفر ملة خروجاً عن الملة، ولكنه يدور عليه الحكم التفصيلي، إن كان يستطيع أن ينكر بيده فلم يفعل فهو عاصي، وإن كان يستطيع أن ينكر بيده بلسانه فهو عاصي، وإن أنكر بقلبه فهو مسلم عاصي، أما إذا وصل به الأمر إلى أن لا ينكر -أيضاً- بقلبه فهنا المشكلة الخطيرة جداً؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - قال في هذا الحديث وفي ذاك الحديث أنه: «ليس وراء ذلك ذرة من إيمان»، وهنا لا بد لي من التذكير بأنه المسلم يجب أن يأخذ حذره من أن يعتاد بعض المعاصي فلا يجد إنكاراً في قلبه لها، فيخشى حينذاك أن يقع في الكفر الذي يخرج من الملة، وأنا أعتقد أن كثيراً من المسلمين والمسلمات يقعون في هذه المشكلة الكبيرة جداً، بحيث أن قلوبهم أصبحت غلفاً لا تنكر منكراً حتى ولا بالقلب، فهذا المعاصي المنتشرة الآن، مثل التبرج، تبرج النساء وخلاعتهن، ومثل الربا وانتشار التعامل به، بحيث أن كثيراً من الناس انمحى من ذهنهم أن يكون كل هذه الأنواع من المعاصي هي معاصي، ما بقوا يشعرون بذلك، وأنا أستحضر مثالاً يتعلق ببعض النسوة، تجد المرأة متبرجة تبرج الجاهلية قبل العصر العشرين، بمعنى تكون قد لبست لباساً إلى نصف الساقين، ووضعت خماراً ما يسمونه الإيشار وهي تكشف بهذا ناصية رأسها، ولا تشعر بأنه قد عصت ربها، فإذا مرت بجانبها امرأة أخرى زادت عليها في التبرج الحديث كأن يكون مثلاً ثوبها إلى ركبتيها، كأن تكون حاسرة الرأس، كأن تكون مخصرة الثياب ونحو ذلك، فما تكاد تمر بها إلا وتلتفت هكذا تستنكر عليها بقلبها، هذا معناه أنها لا تشعر بأنها هي واقعة في مثلها من حيث أنها خالفت شريعة ربها، لكن

لا شك أن تلك أنكر، وقعت فيما هو أشد إنكاراً من هذه التي هي أنكرت ذلك، هذا أيش

<<  <  ج: ص:  >  >>