للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى بحث قد يكون -أيضاً- مهماً، في الجلسة السابقة ذكرنا الآية بأطرافها الثلاثة {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:٤٤) {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (المائدة:٤٥) {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (المائدة:٤٧)، وأشرنا إلى أنه كما ينقسم الكفر إلى هذين القسمين، كذلك الفسق، وكذلك الظلم، الآن أريد أن أذكر بتقسيم ثانٍ للفظ رابع، وأظن أن هذا التقسيم سيقضي -أيضاً- على مشكلة قد تكون قائمة في صدور بعض إخواننا من طلاب العلم، فحينما نقرأ قول الله -تبارك وتعالى- في المنافقين أنهم في الدرك الأسفل من النار، ثم نقرأ قوله -عليه الصلاة والسلام-: «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (١) فهل يكون هذا المنافق في الدرك الأسفل من النار، الآية تقول في المنافقين أنهم: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ في الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} (النساء:١٤٥)، والرسول يقول: «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب»، فهذا الذي إذا حدَّث كذب هل يكون في الدرك الأسفل من النار، استحضروا التقسيم الثالث، هذا الـ عفواً السابق، استحضروا معي التقسيم السابق، هذا الذي يستحل الكذب أو الخيانة أو ما شابه ذلك من المعاصي التي ذكرت في هذا الحديث أو في غيره، استحل ذلك بقلبه، فهو في جهنم ومع المنافقين، لا، استحله عملياً؛ إذاً كيف الرسول -عليه السلام- في هذا الحديث جعل آية المنافق ثلاثاً، هذا كمثل كثير من الآيات أنه عمل عمل المنافقين، هذا الذي يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ذلك يستلزم أن يحرم ما حرم الله ورسوله، فإذا هو استحل ما حرم الله ورسوله، فيكون قد خالف فعله قلبه، قد خالف فعله اعتقاده، لكن هنا المخالفة من نوعية تختلف عن مخالفة ظاهر المنافق الكافر لباطنه، المنافق الذي هو في الدرك الأسفل من النار يضمر الكفر ويظهر الإسلام،


(١) البخاري (رقم٣٣) ومسلم (رقم٢٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>