الحديث الآخر وهو الأهم، قال عليه الصلاة والسلام:«لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يحلون محلكم ويذنبون بخلافكم، فهل أنتم لا تذنبون؟ فهذا قضاء الله قدره، لا بد لجنس البشر من أن يقع في الخطأ الذي لا يحبه الله، لكن هذا الخطأ قد يكون من الصغائر من اللمم وقد يكون من الكبائر، فسواء كان هذا أو هذا، هذا أمر لا بد منه، ولكن هل معنى الحديث:«لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم»، هل معنى الحديث ومغزى الحديث: الحض على الذنوب وارتكاب المعاصي؟
الجواب: لا، المقصود من الحديث تماماً عاقبته، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم، ومعنى هذا حينئذ: يا معشر البشر .. كما قال تعالى في الحديث القدسي:«كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم .. » إلى آخر الحديث، الشاهد: أن حديث: «لو لم تذنبوا»، الهدف منه: أيها البشر ما دام أنكم فطرتم على المعصية فلا تتكلوا عليها، وإنما أتبعوها بالمغفرة بالاستغفار؛ حتى تعقبها المغفرة؛ لأن الله عز وجل يقول:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}(هود:١١٤)، إذا كان إذاً هذه طبيعة البشر أن يخطئوا في مخالفة النص قصداً وهي الذنوب، وأن يخطئوا في مخالفة النص لا قصداً وإنما لسوء فهم فلا مؤاخذة في ذلك، المؤاخذة متى تكون؟ إذا أقيمت الحجة على إنسان، سواء كانت الحجة في مسألة عقدية فكرية أو كانت الحجة في مسألة فقهية، ثم عاند وأصر على خطئه فهنا تكون المؤاخذة، والعكس لا، أي: إذا إنسان وقع في خطأ عقدي لكنه هو كان حريصاً على معرفة الصواب في تلك العقيدة لكنه لم يوفق إلى