للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذات يوم ورأى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عطس رجل بجانبه فقال له وهو في الصف في الصلاة: يرحمك الله، فنظروا إليه بأطراف أعينهم تسكيتاً له، فعظم عليه هذا الأمر فصاح بأعلى صوته وهو يصلي: واثكل أمياه، ما لكم تنظرون إلي؟ فما كان لمن حوله إلا أن أخذوا ضرباً على أفخاذهم تسكيتاً، يبدوا أن الرجل تنبه ولو بعد لأي بأنه أخطأ فيما فعل من الكلام والصياح؛ لذلك قال: فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة أقبل إليّ .. تصوروا مصلياً في هذا الزمان لو فعل مثل ذلك الإنسان وجاء الإمام إليه ما الذي يتصوره؟ سيشتمه ويسبه إن لم يضربه، كأن معاوية هذا رضي الله عنه تصور شيئاً من ذلك لما رأى الرسول مقبلاً إليه ولكن خاب تصوره؛ لأنه رسول الله: {وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (آل عمران:١٥٩) قال: فما قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - الصلاة أقبل إلي ووالله ما قهرني ولا كهرني ولا ضربني ولا شتمني وإنما قال لي: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما تسبيح وتحميد وتكبير وتلاوة القرآن.

انتهت قصة الرجل هاهنا، ولكن يبدو من ناحية النفس أنه لما رأى هذا اللطف النبوي شجعه لأن يتعلم؛ لأنه عرف أنه جاهل .. يصيح في الصلاة بما سمعتم فيقول الرسول: أنه لا يصلح شيء من كلام الناس وإنما هو التسبيح والتحميد والتكبير وتلاوة القرآن، فتشجع على أن يوجه إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بعض الأسئلة فأخذ [يطرح] هذه الأسئلة سؤالاً بعد سؤال.

كان مما جاء ذكره في هذا الحديث أن قال: «يا رسول الله! إن منا أقواماً يتطيرون، قال: فلا يصدنكم، قال: إن منا أقواماً يخطون بالرمل، فقال عليه الصلاة والسلام: قد كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطُه خطَه فذاك، قال: يا رسول الله! إن لي جارية ترعى لي غنماً في أُحُد فسطا الذئب يوماً على غنمي وأنا بشر

<<  <  ج: ص:  >  >>