يكون في حكم المرفوع إلا إذا كان يتحدث بما يتعلق بالشريعة الإسلامية، أما إذا كان الحديث يتعلق بما وقع فيمن كان قبلنا فحينئذ لا نتحدث به، وإذا كان الأمر كذلك عدنا إلى حديث الذبابة فهو موقوف ويتحدث عما وقع فيمن قبلنا، حينئذ لا نصدقه ولا نكذبه، لما ذكرته آنفاً من قوله عليه السلام:«فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم».
ولكن في حديث الذبابة في حد تعبير علماء الحديث نكارة في المتن؛ ذلك أن الرجل الأول دخل الجنة في ذبابة؛ لأنه مر بالمشركين فطلبوا منه أن يقدم قرباناً ذبابة لصنمهم فأبى؛ فدخل الجنة، ثم جاء الرجل الثاني فطلبوا منه أن يقدم ذبابة فقدم؛ فدخل النار.
نحن نعلم أن الله عز وجل استثنى من الكفر المخلد لصاحبه في النار، فقال:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}(النحل:١٠٦).
ونعلم مما ذكره علماء التفسير في سبب نزول هذه الآية، وإن كان في الرواية شيء من الضعف من الناحية الحديثية، ولكن السبب يتناسب مع هذه الآية، {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ}(النحل:١٠٦).
قالوا: بأن هذه الآية نزلت في عدي بن حاتم الطائي رضي الله تعالى عنه، فإنه كان من أوائل الأصحاب الذين عذبوا في سبيل الله كبلال الحبشي رضي الله عنهم جميعاً.
عذب عمار بن ياسر عذاباً شديداً، وكأن المشركين قتلهم الله لاحظوا فيه أنه انهارت قواه، فعرضوا عليه أن ينال من النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وأن يسبه وأن يقول فيه ساحر شاعر كذاب، إذا هو أراد أن يطلقوا سبيله، فقال ما أرادوا منه، ولما شعر بالراحة