يبلغ رسالته كما بلغها هو قومه، إذاً: الحجة تقوم ببلوغ الدعوة إلى المكلف، الدعوة كما ذكرنا آنفاً قد تكون متعلقة بالعقيدة وقد تكون متعلقة بحكم شرعي، فإذا افترضنا إنساناً بلغته دعوة نبيٍّ على الوجه الصحيح في حكم فرعي فقهي، ومع ذلك هو أنكر هذا الحكم فإنكاره وأؤكد ما قلت آنفاً: بلغه الحكم كما لو كان سمع الحكم من النبي أو الرسول مباشرةً ومع ذلك فهو أنكره فهذا يكفر.
على العكس من ذلك إنسان آخر لم تبلغه دعوة الرسول فيما يتعلق بعقيدةٍ ما، ولنضرب على ذلك مثلاً: فنقول: مثل عقيدة عذاب القبر، أو سؤال منكر ونكير، ونحو ذلك من الغيبيات التي تدخل في عموم قوله تعالى:{الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ}(البقرة:١ - ٣) فهذا المثال الثاني الرجل الثاني لم تبلغه دعوة الرسول فيما يتعلق بمثالنا هذا عذاب القبر، فهذا ليس مكلفاً .. ليس مسئولاً فيما إذا لم يؤمن بعذاب القبر؛ لأن الحجة لم تبلغه ولم تقم عليه، إذا عرفنا هذه الحقيقة حينئذٍ نعود إلى أصل السؤال: أي إمام من أئمة المسلمين سواء كان خطؤه متعلقاً بعقيدة أو كان خطؤه متعلقاً بحكم فقهيٍ فهو غير مؤاخذ إذا لم تبلغه الحجة، والعكس بالعكس تماماً كل من بلغته الحجة سواء في العقيدة أو في الفقه وأنكرها فهو الذي قامت عليه حجة الله فذاك نادم وهذا هالك.
فلا فرق إذاً بين من يقع في خطأ إنكار صفة من الصفات مثلاً إلهية إذا كان إنكار هذا ليس عناداً وليس جحوداً وإنما كان باجتهاد منه، ولو أن هذا الاجتهاد كان منه خطئاً، هنا يرد الحديث الذي ابتدأنا الجواب به عن هذا السؤال:«إذا حكم الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» لذلك ما يشاع في هذا الزمان أن من أخطأ في الأصول أو في العقيدة فهو غير معذور هذا الإطلاق خطأ