أنا أقطع بأن هذا الشعب كشعب لم تبلغهم الدعوة كما جاءت وكما أنزلت، لكن بلا شك بعض الخاصة من أولئك كما شرحتم آنفًا قد بلغتهم الدعوة وأقيمت عليهم الحجة، ونحن غرضنا من هذا البيان هو أن نخلص عامة المسلمين وبخاصة منهم الأعاجم من أن نبادر إلى تسليط سيف التكفير عليهم، ونحن نعرف أنهم يعيشون بين علماء كثير منهم من لم يفهم الدعوة كما يجب، وقسم منهم كما أشرت فهمها كما جاءت ولكنه اتبع هواه كما وقع مع العرب الأولين تمامًا الذين بعث إليهم الرسول مباشرًة، ولذلك أنا فرقت بين الدعوة بالطريقة الأولى حيث يأتي الرسول فيبلغ قومه مباشرًة، هنا ليس هناك مجال أن يكون التبليغ فيه سوء تبليغ .. فيه تقصير، بينما نقل الدعوة بالطريقة الأخرى يمكن أن يرد عليها شيء من هذا التقصير، أو من ذاك السوء سوء التبليغ.
فهناك فرق بين الطريقة الأولى والطريقة الأخرى تمامًا، وما دمنا نحن نعيش اليوم وقد بلغنا الدعوة بالوسائط، وبخاصة وبيننا وبين الرسول الذي أرسل مباشرةً إلى الصحابة أربعة عشر قرنًا فيجب أن نتصور أن الدعوة إلى جمهور الأمة الإسلامية اليوم حتى العرب لم تبلغهم الدعوة كما جاءت أو كما أنزلت من العلماء؛ لأنهم من علماء السوء ومن الذين وصفهم الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح حين قال:«إن الله لا ينتزع العلم انتزاعًا من صدور العلماء، ولكنه يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسًا جهالًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا»(١).
غرضي من هذا ليس أن نقدم عذرًا لمن لا عذر له وهم الأقلية، وإنما أن نقدم