حكينا عليهم وهم الذين لم تبلغهم دعوة الرسول عليه السلام، هؤلاء جاء في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يرسل إليهم في عرصات يوم القيامة رسولاً، فيأمرهم بأن يلقوا بأنفسهم في النار، وأمامهم النار، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار، تماماً كما هو الشأن في هذه الحياة، لكن مع فارق كبير، والفارق هنا يا إخواننا أرجو أن تنتبهوا يتعلق بالمرسِل والمرسَل إليهم، المرسَل هنا في الدنيا في عنده معجزات وعنده براهين تتناسب حياة المرسل إليهم المادية التي يعيشون فيها، المرسل هناك يأتي أيضاً بعلامة يقتنع المرسلون إليه بأنه هذا فعلاً مرسل من رب العالمين، والابتلاء هناك كالابتلاء هنا مع فارق كبير، هنا من يؤمن فسيصاب بما جاء في الحديث: حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات، فالذي يريد يؤمن يحف ويصاب بنار معنوية، أما هناك فنار حقيقية مادية، لكن الرسول الذي يرسل إليهم يعلمون يقيناً أن هذا من الله، فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار.
فإذاً: لا تكليف قبل بلوغ النذارة، لا تكليف قبل مجيء الرسول أو الدعوة، وهذا من تمام حكم الله عز وجل ورحمته بعباده التي أودعها فيما يتعلق بهذا الموضوع في قوله:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}(الإسراء:١٥) فهؤلاء الصبيان من المشركين ما جاءهم رسول لأنهم بعد ما دخلوا في دائرة التكليف، أولئك الأقوام الذين لم تبلغهم دعوة الرسول ما جاءهم الرسول ولذلك ربنا لا يعذبهم، هذا قولاً واحداً، أما يا ترى ماذا يعمل بهم ربنا؟ من كان عنده علم بالحديث الذي ذكرناه آنفاً فالجواب أن لهم امتحاناً في عرصات يوم القيامة.