كنا معذبين حتى نبعث رسولاً] (الإسراء:١٥) , وقد كان أبو محمد عليه الصلاة والسلام وأمه على فترة من الرسل, فكيف يعذبون؟!! ... وفي الحق إني ضرست في سمعي وفهمي عندما تصورت أن عبد الله وآمنة يتصور أن يدخلا النار»!
فأقول: يا سبحان الله! هل هذا موقف من يؤمن برسول الله أولاً, ثم بالعلماء الصادقين المخلصين ثانياً, الذين رووا لنا أحاديثه - صلى الله عليه وآله وسلم - وحفظوها لنا, وميزوا ما صح مما لم يصح منها, واتفقوا على أن هذا الحديث من الصحيح الثابت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! أليس موقف (أبو زهرة) هذا هو سبيل أهل الأهواء - كالمعتزلة وغيرهم- الذين قالوا بالتحسين والتقبيح العقليين, مما رده عليهم أهل السنة؟! والشيخ يزعم أنه منهم, فما باله خالفهم, وسلك سبيل المعتزلة في تحكيم العقل, وردهم للأحاديث الصحيحة لمجرد مخالفتها لأهوائهم, إما تأويلاً إذا لم يستطيعوا رده من أصله؟! وهذا عين ما فعله الشيخ, فإنه رد هذا الحديث لظنه أنه حديث غريب فرد - كما رأيت - وتأول أحاديث الزيارة بقوله:
«ولعل نهي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - عن الاستغفار (لأمه)؛ لأن الاستغفار لا موضع له, إذ أنه لم يكن خطاب بالتكليف من نبي مبعوث»!
ونحن نقول له - كما تعلمنا من بعض السلف-: اجعل (لعل) عند ذاك الكوكب! فإن أحاديث الزيارة تدل دلالة قاطعة على أن بكاءَه - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما كان شفقة عليها من النار, وهذا صريح في بعض طرق حديث بريدة, كما سبق ذكره مني في التعليق عليه قريباً. ولذلك علق الإمام النووي على حديث أبي هريرة منها بقوله في «شرح مسلم»:
«فيه جواز زيارة المشركين في الحياة, وقبورهم بعد الوفاة, لأنه إذا جازت