للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجل حينما قال: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} فإنما يعني رسولاً بلسان قومهم ليفهموا عليه ما يخاطبهم به من الوحي الذي أنزل عليه من ربه تبارك وتعالى، ولذلك تأكيدًا لهذا المعنى جاء قوله عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ما من رجل من هذه الأمة من يهوديٍ أو نصراني يسمع بي ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» ففي هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في كل كافرٍ على وجه الأرض يبلغه خبر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - كما كان هو عليه السلام في دعوته على حقيقتها ثم يكفر بها؛ فهو في النار.

فقوله عليه الصلاة والسلام: «يسمع بي» إنما يعني دعوته الحق، ولا يعني بطبيعة الحال لو سمع أحد الكفار الأوروبيين مثلاً أو الأمريكيين أو غيرهم بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بطريق القساوسة والرهبان والمستشرقين الذين يتحدثون عن نبينا - صلى الله عليه وآله وسلم - بالأكاذيب، ولا يحدثون أقوامهم بحقيقة ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من الأخلاق والشمائل فيما يتعلق بشخصه ثم هم لا يتحدثون بحقيقة دعوة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - وأنها دعوة التوحيد وأنها دعوة الإصلاح في كل ميادين الحياة وإنما يحدثون أقوامهم على خلاف ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - صلى الله عليه وسلم - رضي الله عنهم - شخصه وفي دعوته، فلا يكون والحالة هذه أولئك الناس قد سمعوا به عليه الصلاة والسلام حقًا ولذلك فلا يشملهم الوعيد المذكور في آخر الحديث.

أعيد ذكر هذا الحديث لأهميته في هذا الموضوع، فإن كثيرًا من الناس يتوهمون أنه من مجرد بلوغ القرآن الكريم بسبب الإذاعات العربية إلى تلك الشعوب الكافرة، قد قامت حجة الله تبارك وتعالى عليهم ولذلك فليس على المسلمين أن يعملوا شيئًا من تبليغ الدعوة، ليس الأمر كذلك، فإن القرآن إنما نزل

<<  <  ج: ص:  >  >>