للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما التأويل بالمعنى اللغوي فهو بمعنى التفسير تماماً والبيان، {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} (آل عمران:٧) أي: ما يعلم ما يؤَوُل إليه وما يعود إليه، هذا

معنى لغوي.

أما التأويل الآخر الذي هو عرفي: أي: اصطلاحي فهو بمعنى إخراج

دلالة النص عن الظاهر إلى معنى غير متبادر، هذا التأويل هو يقصد في كلام

علماء الكلام.

على هذا نقول: إذا فسر بعض السلف آية في القرآن الكريم بخلاف ما يفهمه بعض المتأولة، يقولون: هه! هذه سلف أول، والحقيقة: أن هذا الذي يسمونه تأويلاً أي: إخراج للنص عن معناه الظاهر هو ليس تأويلاً إنما هو تفسير، يعني: مثلاً ما ذكر في تفسير ابن كثير وغيره عن ابن عباس في تأويل آية: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} (الحديد:٤) قال ابن عباس: وهو معكم بعلمه، هذا ليس تأويلاً! هذا تفسير لأنه نظر إلى سياق الآية من أولها إلى آخرها فانتبه إلى أن الله عز وجل يتحدث عن المعية العلمية وليس عن المعية الذاتية التي يظهر من هذه الجملة أن المقصود وهو، أي: بذاته، ليس هذا الذي يتبادر من دراسة الآية من أولها إلى آخرها وإنما المتبادر أنه ربنا عز وجل عني المعية العلمية، فهذا ورد عن ابن عباس، فهم يتشبثون بهذا ويسمونه تأويلاً وهو ليس من التأويل في شيء.

ومثله نصوص كثيرة وكثيرة جداً، مثلاً: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:٤٦) أيضاً: هذه ليست معية ذاتية وإنما هي معية صفتية .. {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (طه:٤٦) معكما فسرت بما بعدها: أسمع وأرى! هذا ليس تأويلاً بمعنى إخراج اللفظ عن ظاهره، وهكذا الأمثلة كثيرة وكثيرة جداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>