للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول له: صدقت هذا هو المعدوم، فقد وصفوا ربهم بأنه معدوم لما عطلوه من الصفات، فالمعطل إذاً: يعبد عدماً، نحن يجب أن نقف عند حدود الشرع ولا نستعمل الأقيسة؛ لأن الله عز وجل إذا كان سميعاً بصيراً، فسمعه ليس كسمعنا، وبصره ليس كبصرنا، كما أن وجوده ليس كوجودنا، فنحن الآن نقول: الله موجود، وأنا موجود، فهل معنى ذلك أن نقول -حتى لا نقع فيما يزعمون فيه من التشبيه- أحد شيئين .. ننكر حقيقة من حقيقتين: الله موجود، وأنا وأنت وهذه المخلوقات موجودة، فلا بد من إنكار حقيقة من الحقيقتين وأيهما أنكرت، فقد قرمطت.

إذا قلت: أنا موجود، الله موجود.

صار هنا اشتراك، صار هنا تشبيه؟

إذاً: الله ليس موجوداً؛ لأنه فيه تشبيه الخالق بالمخلوق، كيف غير موجود؟ موجود.

إذاً: أنا الذي لست موجوداً.

وأحلاهما مر.

إذاً: الله موجود، وأنا موجود، لكن وجوده كما يقولون: وجود بدون موجد، واجب الوجود، أما أنا ممكن الوجود؛ لأن الله عز وجل هو الذي أوجدني، وإن شاء أعدمني؛ ولذلك قال تحقيقاً لهذه الفارقة العظيمة: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} (الرحمن:٢٦ - ٢٧).

فإذاً: نحن نثبت ما أثبت، وننفي ما نفى، نفى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى:١١)، وهو السميع البصير، أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>