لعلهم يسمونه مجاز الحذف، طيب! هذا الكلام من حيث الأسلوب العربي لا أحد يفهم منه ظاهر العبارة وهي اسأل القرية، يعني: شجرها وحيطانها ونحو ذلك، هذا المعنى لا يتبادر إلى ذهن عربي إطلاقًا وإنما المتبادر هو سكانها .. أهلها، ولأن هذا المعنى هو المتبادر لا يسمى هذا الكلام مجاز؛ لأنه المتبادر، مع ذلك هم يحشرونه في اسم المجاز.
مثلًا يقول العربي: سال الميزاب، لو أردنا أن نأخذ هذه العبارة العربية القديمة على طريقة الحقيقة والمجاز، حقيقة هذه العبارة أن الميزاب من شدة الحرارة ذاب حتى سال، لكن هذا المعنى لا أحد يفهمه إطلاقًا، ما هو المفهوم؟ سال الميزاب، أي: ماء الميزاب، هذه الحقيقة وليست مجازًا، لكن هم يسمونها مجاز، حينما ينتقل البحث في هذه المسألة إلى ما يتعلق بأحاديث الصفات وآيات الصفات نجد بأنهم حادوا عن القاعدة التي أشاروا إليها: أن الأصل بكل جملة عربية الحقيقة، ولا يصار عنها إلى المجاز إلا للضرورة، فمثلًا الآية المعروفة:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}(الفجر:٢٢) جاء ربك: يفسرونها بمعنى: ما جاء ربك، ولذلك يسمي علماء السلف هؤلاء المؤولة بالمعطلة، فربنا يقول: جاء ربك، ثم يقولون: لا، ربنا ما يأتي ولا يجئ ولا ولا إلى آخره، «ينزل ربنا في كل ليلة .. » لا ما ينزل، لماذا؟ قال: هذا مجاز، ما الذي اضطرهم إلى القول بالمجاز؟ ليس هناك شيء إلا انحرافهم عن فهم الكتاب والسنة على الأسلوب العربي الذي فهمه الصحابة مباشرًة من نبيهم عليه الصلاة والسلام؛ ولذلك لم يتكلفوا التأويل.
فإذًا: ليس هناك مجاز إلا للضرورة، وأين الضرورة في تأويل آيات الصفات وأحاديث الصفات؟ وهذا بحث وَفَّاه شيخ الإسلام ابن تيمية حيث لا أحد يستطيع أن يأتي بمثل ما أتى هو به ...