للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية؛ فإنه أصاب كبد الحقيقة حين وصف هؤلاء النفاة المعطلة ومعارضيهم من المشبهة بقوله:

"المشبه يعبد صنماً، والمعطل يعبد عدماً، والمشبه أعشى، والمعطل

أعمى"َ! والحق الذي عليه السلف والأئمة: إثبات الصفات بدون تشبيه، وتنزيه بدون تعطيل. ومن اللطائف التي وقعت لبعض الأمراء العقلاء أنه لما سمع

ذلك الوصف المُعطِّل من بعض المشايخ المجادلين بالباطل؛ قال: "هؤلاء قومٌ أضاعوا ربَّهم"!

ويبدو لي أن ذلك الجاهل الطاعن في السلف شعر بخطورة الوصف المذكور، وأنه مرفوض نقلاً وعقلاً؛ لذا لجأ إلى التدليس على القراء بعبارة أخرى تؤدي الغرض الكمين في نفسه دون أن ينتبه له عامة قرائه، فقال في تعليقه له على كتاب ابن الجوزي المتقدم (ص١٢٧):

"وهنا أمر مهم جدّاً، وهو أننا لا نقول بأن الله موجود في كل مكان ألبتة، بل نُكَفِّر من يقول ذلك، ونعتقد أن الله سبحانه موجود بلا مكان؛ لأنه خالق المكان"! فأقول: هذا تصريح منك يناقض تصريحك السابق: أن الله تعالى ليس بخارج العالم، وذلك أنه لا مكان خارج العالم، فإن كنت صادقاً في قولك هذا؛ فقد اهتديت ورجعت إلى عقيدة السلف التي كنت ولا تزال - فيما نعلم- تتهم من دان بها بالكفر والتجسيم؛ مثل ابن تيمية وغيره كمثلي، وإلا قرأنا عليك قول الحق {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (١)؛ مذكِّرين بالمثل العامي: (من كان بيته من زجاج؛ فلا يرم الناس بالحجارة!) وإن من تلك الآثار السيئة لعلماء الكلام


(١) - (ص:٢٧). [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>