للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى: المجسمة والمشبهة الذين يصفون الله بأن له جسماً وجثة وأعضاء وغير ذلك تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

والأخرى: المعطلة الذين ينفون علوه تعالى على خلقه وأنه بائن من خلقه. بل يصرح بعضهم بأنه موجود بذاته في كل الوجود وهذا معناه حلول الله في مخلوقاته. وأنه محاط بالجهات الست المخلوقة وليس فوقها فنفى المؤلف ذلك بهذا الكلام. ولكن قد يَستغِلُّ ذلك بعض المبتدعة ويتأولونه بما قد يؤدي إلى التعطيل كما بينه الشارح رحمه الله تعالى وقد لخص كلامه الشيخ محمد بن مانع عليه الرحمة فقال (ص ١٠):

ومراده بذلك الرد على المشبهة, ولكن هذه الكلمات مجملة مبهمة وليست من الألفاظ المتعارفة عند أهل السنة والجماعة, والرد عليهم بنصوص الكتاب والسنة أحق أولى من ذكر ألفاظ توهم خلاف الصواب. ففي قوله تعالى: {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} رد على المشبهة والمعطلة, فلا ينبغي لطالب الحق الالتفات إلى مثل هذه الألفاظ ولا التعويل عليها, فإن الله سبحانه موصوف بصفات الكمال منعوت بنعوت العظمة والجلال, فهو سبحانه فوق مخلوقاته مستو على عرشه المجيد بذاته, بائن من خلقه, ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا, ويأتي يوم القيامة وكل ذلك على حقيقته, ولا نؤوله, كما لا نؤول اليد بالقدرة, والنزول بنزول أمره, وغير ذلك من الصفات, بل نثبت ذلك إثبات وجود لا إثبات تكييف. وما كان أغنى الإمام المصنف عن مثل هذه الكلمات المجملة الموهمة المخترعة, ولو قيل إنها مدسوسة عليه وليست من كلامه لم يكن ذلك عندي ببعيد إحساناً للظن بهذا الإمام, وعلى كل حال فالباطل مردود على قائله كائناً من كان, ومن قرأ ترجمة المصنف الطحاوي لا سيما في لسان الميزان عرف أنه من أكابر

<<  <  ج: ص:  >  >>