أما ثانيًا: فالإحصاء هنا ليس هو عبارة عن حفظ الأسماء التي سُرِدت في بعض كتب السنة كسنن الترمذي حتى بلغت: تسعةً وتسعين اسمًا؛ لأن الراوية هذه التي فيها عد الأسماء الحسنى لم تصح وإنما صح الحديث مطلقًا دون بيان وسرد الأسماء الحسنى، الحديث كما سمعتم آنفًا:«إن لله تسعًة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة» والإحصاء ليس بالأمر السهل كما يتوهم بعض الناس وهو حفظها من رسالة أو من رواية جمعت فيها هذه الأسماء، وإنما الإحصاء هو إفراغ الجهد لتتبع أسماء الله عز وجل في الكتاب والسنة الصحيحة، وهذه عملية قد تختلف من إنسان إلى آخر من جهة، ثم قد يُوفَّق لهذه الأسماء لأنها حصرت بدقة حيث جاء في الألفاظ لهذا الحديث:«إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا» فهذا الإحصاء بهذه الدقة قد يوفق الإنسان إلى هذه الأسماء جمعًا من القرآن ومن الحديث الصحيح، وقد لا يُوفَّق فمن وُفِّق فأحصاها دخل الجنة، ومن لم يُوفَّق كان له أجر السعي في سبيل تحصيل هذه الأسماء، فالأمر هاهنا كالأمر تمامًا في بعض الأحكام الشرعية التي يبتغي الفقيه معرفة الصواب فيها فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد.
كذلك فيما بدا لي من شرح ذاك الحديث أن من أحصى تلك الأسماء التسعة وتسعين اسمًا فكان ذلك بشارة له بدخول الجنة، وليس ذلك بالأمر المادي بحيث يمكن أن يقال: فلان أحصى الأسماء فهو من أهل الجنة، هذا مما لا يمكن الوصول إليه بهذا الوضوح وهذا البيان، وإنما على المسلم أن يسعى بالتقاط هذه