مَشْهُودًا} (الإسراء:٧٨) لو رجعنا إلى الأحاديث الصحيحة لوجدنا أنه يعني صلاة الفجر تشهدها الملائكة، فإذًا هذا من المجاز كما سبق ذكره في الإجابة عن سؤال سابق اصطلاحًا من بعضهم ولكن الحقيقة أن هذا هو الحقيقة.
وهذا منه كثير وكثير جدًا من إطلاق الجزء وإرادة الكل، قال تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}(المزمل:٢٠) أيضًا المقصود هنا: {فَاقْرَءُوا} أي: فَصَلُّوا ما تيسر لكم من صلاة الليل، هذا هو معنى هذه الآية، فليس المقصود بها: اقرأ في صلاة الليل ما تيسر لك من قرآن، وإنما قوله: ما تيسَّر لك من قيام الليل ثلثه ونصفه كما جاء في الآيات المتقدمة على هذه الآية.
كذلك مثلًا قول هـ - صلى الله عليه وآله وسلم -: «الحج عرفة»(١) لا يفهم العربي أن المسلم إذا لم يأت بأي شيء من أركان الحج سوى أنه وقف على عرفة وانتهى كل شيء، لا طاف طواف قدوم، ولا سعى، ولا طاف طواف الإفاضة، وإنما وقف على عرفة، من يفهم هذا الفهم؟ الأعجمي، وأما العربي يقول:«الحج عرفة» أي: أعظم أركان الحج عرفة، هذا الأسلوب هو المعروف عند العرب بعضهم يسميه مجازًا، لا مشاحة في الاصطلاح، لكن لا أحد يفهم أن الحج كل الحج هو الوقوف بعرفة.
فالمهم في الموضوع أن الآية:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ}(الرحمن:٢٧) لا يعني يبقى وجهه دون ذاته تبارك وتعالى، وإنما يبقى ذاته تبارك وتعالى بكامل صفاته.