تعالى - كالسمع والبصر، وكرؤيته تعالى - بالتأويل الذي يؤدي إلى التعطيل، قال المؤلف نفسه عنهم (ص ١٢٣): "بادعاء أن رؤية الله مستحيلة، فهي تقتضي الجسمية، والجسمية والجهة عندهم كفر".
قلت: وهذا ما يصرح به هذا المؤلف الأنوك! في كثير من المواضع، فإذن المعتزلة على حق عنده، بل هو منهم؛ ولو تظاهر بأنه من أهل السنة والجماعة! فهو ينكر علو الله على خلقه، وأن القرآن كلام الله حقيقة؛ بحجة أن ذلك تجسيم وتشبيه!! ويتظاهر بأنه يؤمن برؤية الله في الآخرة تبعاً للأشاعرة، ويتجاهل أن ذلك يستلزم التجسيم على مذهبه؛ وكذا الجهة.
ولكن ذاك السلاح غير ماض؛ لأنه قائم على حديث لا وجود له إلا في ذهنه ضعيف السند، فيبادر إلى الإجابة عن ذلك بقوله:"وسواء أكان الحديث صحيحاً أو ضعيفاً؛ فلا أقل من أن يحمل على التفسير"!!
ما هذا الكلام أيها الأنوك الأحمق؟!! فما هو الذي يقابل التفسير الذي ينبغي أن يحمل الحديث عليه إذا صح؟! وبعبارة أخرى: فالحديث صحيح أو ضعيف، فإذا كان صحيحاً، فماذا؟ وإذا كان ضعيفاً؛ فماذا؟! أليس في كل من الحالين يحمل الحديث على التفسير؟! ولكن في حالة كونه ضعيفاً؛ ما قيمة هذا التفسير الذي لم يثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم -؟! وجملة القول: أن هذا الكلام ركيك جداً، يدل على عجمة هذا الجهمي، وليس ذلك في لسانه فقط، بل وفي تفكيره أيضاً؛ لأنه في الوقت الذي يقطع بأن هناك دليلاً على أن الرسول أول كما تقدم، ويكرر ذلك في مواضع أخر؛ فيقول (ص ٨٠): "فإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد فسر الاستواء بالاستيلاء؛ فهذا هو التأويل بعينه"! إذ إنه يقول هذا الكلام الذي لا