للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبلنا فيها: العير أيضاً كلفظ معناه: هذه القافلة من البعران، الجمال، الإبل. لكن لا يُنظر إلى اللفظة مفصولة عن سباقها وعن سياقها، وإنما يُنظر إلى الجملة بكاملها: من أولها إلى آخرها، حينئذٍ الذي يتبادر لك من هذه الآية غير المعنى الذي يتبادر من لفظ موجود في هذه الآية، هو القرية أو العير.

فستجد نفسك مضطراً أن تقول: إن المعنى الذي يتبادر إلى ذهن، واسأل القرية: سكانها، والعير أي المرافقين لها، هذا ليس تأويلاً أبداً، والأمثلة على هذا تكثر، وتكثر جداً.

من ذلك مثلاً: {فَسِيحُوا في الأَرْضِ} (التوبة:٢)."في" ظرفية، لكن إذا نظرت إلى هذه الآية، إلى هذا الحرف في هذه الآية ما تفهم أنها ظرفية، بل تفهمها بأنها بمعنى: على، قل سيحوا في الأرض فانظروا، {قُلْ سِيرُوا في الأَرْضِ فَانظُرُوا} (النمل:٦٩)، مش في جوف الأرض، وإنما على الأرض، وعلى هذا أمثلة كثيرة، وكثيرة جداً.

وعلى ذلك جاء قوله تبارك وتعالى أيضاً في سورة طه لما فرعون طغى وبغى وقال للناس: {أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى} (النازعات:٢٤)، وأحضر السحرة لينتصر بهم على معجزة موسى عليه السلام، فكانت العاقبة لموسى عليه السلام، وكانت العاقبة أن السحرة آمنوا: {قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} (طه:٧٠)، فماذا هددهم، قال: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ} (طه:٧١)، أيضاً هنا في جذوع النخل، إذا فُصِلت "في" عن مكانها هنا فهمتها بمعنى ظرفية، لكن هنا لا تصلح لا يصلح هذا الفهم إلا أنها بمعنى "على"، {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ في جُذُوعِ النَّخْلِ} (طه:٧١)، أي: على جذوع النخل هذا أيضاً ليس تأويلاً، لأن الجملة هي تفرض عليك أن تفهم "في" هنا وهناك بمعنى "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>