ليتعلموا منه دينهم ويتفقهوا فيه. ولا شك أن ذلك ليس خاصاً بما يسمى بالفروع والأحكام بل هو أعم. بل المقطوع به أن يبدأ المعلم بما هو الأهم فالأهم تعليماً وتعلماً، ومما لا ريب فيه أن العقائد أهم من الأحكام، ومن أجل ذلك زعم الزاعمون أن العقائد لا تثبت بحديث الآحاد، فيبطل ذلك عليهم هذه الآية الكريمة، فإن الله تعالى كم حض فيها الطائفة على التعلم والتفقه عقيدةً وأحكاماً حضهم على أن ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم بما تعلموه من العقائد والأحكام، و"الطائفة" في لغة العرب تقع على الواحد فما فوق. فلولا أن الحجة تقوم بحديث الآحاد عقيدة وحكماً لما حض الله تعالى الطائفة على التبليغ حضاً عاماً، معللاً ذلك بقوله:{لعلهم يحذرون} الصريح في أن العلم يحصل بإنذار الطائفة، فإنه كقوله تعالى في آياته الشرعية والكونية:{لعلهم يتفكرون}، {لعلهم يعقلون}، {لعلهم يهتدون}، فالآية نص في أن خبر الآحاد حجة في التبليغ عقيدة وأحكاماً.
الدليل الثاني: قوله تعالى: {ولا تقف ما ليس لك به علم} أي لا تتبعه، ولا تعمل به، ومن المعلوم أن المسلمين لم يزالوا من عهد الصحابة يَقْفُون أخبار الآحاد، ويعملون بها، ويثبتون بها الأمور الغيبية، والحقائق الإعتقادية مثل بدء الخلق وأشراط الساعة، بل ويثبتون بها لله تعالى الصفات، فلو كانت لا تفيد علما، ولا تثبت عقيدة لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم، كما قال ابن القيم رحمه الله تعالى في (مختصر الصواعق- ٢/ ٣٩٦) وهذا مما لا يقوله مسلم.
الدليل الثالث: قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} وفي القراءة الأخرى "فتثبتوا"، فإنها تدل على أن العدل إذا جاء بخبر ما فالحجة