وآثار الوضع والركة وعلم الكلام عليه ظاهرة، ولا غرابة في ذلك، فإنه لم يروه أحد من أهل السنة، وإنما تفرد به "مسند الربيع بن حبيب" الذي لا يُعرف مؤلفه بالثقة والضبط حتى عند أتباعه الإباضية! فقال فيه (٣/ ٢١٦ - مطبعة الإستقامة): قال جابر بن زيد: حدثنا أنس بن مالك: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: ... فذكره.
قلت: وهذا إسناد معلَّق - فإنه رغم جهالة الربيع، - لم يصرح بسماعه من جابر بن زيد، فإنه مجهول العدالة مجهول الوفاة، وليس عند أتباعه علم به إلا الظن، فالذين طبعوا "مسنده" في دار (الفتح - بيروت)، طبعوا تحته ما نصه:"أحد أفراد النبغاء من آخر قرن البعثة"! والذين طبعوا شرحه للشيخ عبد الله بن حميد السالمي في سلطنة عُمان طبعوا مكان ذلك: "من أئمة المائة الثانية للهجرة"! {إِن نَّظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِين}! ومما يدل على ذلك أن الأستاذ التنوخي - عفا الله عنه، وقد حاباهم ما شاءت له المحاباة - قال في تقديمه للشرح المذكور (ص د):
"ومع أننا لم نعثر على تاريخ حياته، فإننا نقدر أنه بدأ بجمع "مسنده" في صدر المائة الثانية ... ".ومن قرأ مقدمة الشارح السالمي للمسند المزعوم يتبين له: "أنه كان مشوشاً، وأنه رتبه الشيخ يوسف بن إبراهيم السدراني، وأنه يحوي روايات الربيع عن أبي عبيدة عن جابر، وأن الشيخ المذكور ضم إليه روايات الربيع عن ضمام عن جابر، وروايات أبي سفيان عن الربيع، وروايات الإمام أفلح