وكذلك يقال في بعثه - صلى الله عليه وآله وسلم - إليهم في نوبات مختلفة، أو إلى بلاد منها متفرقة غيره من الصحابة رضي الله عنهم كعلي بن أبي طالب، ومعاذ بن جبل، وأبي موسى الأشعري، وأحاديثهم في "الصحيحين" وغيرهما، ومما لا ريب فيه أن هؤلاء كانوا يعلمون الذين أرسلوا إليهم العقائد في جملة ما يعلمونهم، فلو لم تكن الحجة قائمة بهم عليهم لم يبعثهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أفرداً، لأنه عبث يتنزه عنه رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهذا معنى قول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في "الرسالة"(ص٤١٢):
"وهو - صلى الله عليه وآله وسلم - لا يبعث بأمره، إلا والحجة للمبعوث إليهم وعليهم قائمة بقبول خبره عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، وقد كان قادراً على أن يبعث إليهم فيشافههم، أو يبعث إليهم عدداً، فبعث واحداً يعرفونه بالصدق".
الثالث: عن عبد الله بن عمر قال:
" بينا الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت، فقال إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة " رواه البخاري ومسلم.
فهذا نص على أن الصحابة رضي الله عنهم قبلوا خبر الواحد في نسخ ما كان مقطوعاً عندهم من وجوب استقبال بيت المقدس، فتركوا ذلك واستقبلوا الكعبة لخبره، فلولا أنه حجة عندهم ما خالفوا به المقطوع عندهم من القبلة الأولى. قال ابن القيم:
"ولم ينكر عليهم رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -، بل شكروا على ذلك ".
الرابع: عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: إن نوفاً البكالي يزعم أن