وهذه عقيدة الأحباش فأرجو مَنْ تمكنوا مِنْ الوسوسة إليهم أن يعرفوا حصيلة وسوستهم ألا وهي جحد الخالق والمصير إلى الإلحاد المطلق كما هو مذهب الشيوعيين والدهريين والزنادقة والملاحدة الذين يقولون: لا شيء إلا المادة، اسمعوا الآن بماذا يصفون ربهم؟ يقولون: الله تبارك وتعالى لا فوق ولا تحت
ولا يمين ولا يسار ولا أمام ولا خلف، لا داخل العالم ولا خارجه، ها نحن
اتفقنا معهم المكان مخلوق وهو العالم، فالله ليس داخل العالم، ولكن ما بالهم يقولون: أيضاً ليس خارج العالم؟ هذا هو الإلحاد وهذا هو الجحد المطلق، زاد بعضهم إغراقاً في التعطيل وفي النفي فقالوا بعد أن قالوا: لا داخل العالم ولا خارجه، قالوا: لا متصلاً به ولا منفصلاً عنه، هذا هو الجحد، هذا الذي يقوله الدهريون جميعاً.
ويعجبني بهذه المناسبة مناظرة وقعت بين شيخ الإسلام وبين بعض علماء الكلام من أمثال الأحباش هؤلاء كانوا قد شكُوا شيخ الإسلام ابن تيمية إلى حاكم البلد يومئذ في دمشق، بأنه يقول كذا وكذا وكذا .. ويجسم ويتهمونه بما ليس فيه، وطلبوا عقد مجلس مناظرة معه، فاستجاب الأمير لذلك ودعا شيخ الإسلام ابن تيمية والمخالفين له، فجلسوا أمام الأمير فسمع الأمير دعوى هؤلاء المشائخ، وسمع من شيخ الإسلام الآيات والأحاديث التي تُثبت لله عز وجل صفة العلو على خلقه مع التنزيه التام كما هو مصرح به في القرآن {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}(الشورى:١١) فلما سمع كلام الشيخ من جهة وكلام أولئك العلماء من جهة أخرى قال وهذا يدل على عقل وذكاء ممتاز قال: هؤلاء قوم أضاعوا ربهم، هذه كلمة حق .. أناس يقولون عن ربهم باختصار، ما في داعي نعيد عليكم .. حسبكم أن تتذكروا الحصيلة لا داخل العالم ولا خارجه، لا متصلاً به ولا