للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمن عداهم من المتكلمين والأصوليين، فإن الإعتبار في الإجماع على كل أمر من الأمور الدينية بأهل العلم به دون غيرهم، كما لم يعتبر في الإجماع على الأحكام الشرعية إلا العلماء بها، دون المتكلمين والنحاة والأطباء، وكذلك لا يعتبر في الإجماع على صدق الحديث وعدم صدقه إلا أهل العلم بالحديث وطرقه وعلله، وهم علماء الحديث، العالمون بأحوال نبيهم، الضابطون لأقواله وأفعاله، المعتنون بها أشد من عناية المقلدين لأقوال متبوعيهم، فكما أن العلم بالتواتر ينقسم إلى عام وخاص، فيتواتر عند الخاصة ما لا يكون معلوماً لغيرهم، فضلاً أن يتواتر عندهم، فأهل الحديث لشدة عنايتهم بسنة نبيهم، وضبطهم لأقواله وأفعاله وأحواله يعلمون من ذلك علماً لا يشكون فيه مما لا شعور لغيرهم به البتة ".

- فساد قياس الخبر الشرعي على الأخبار الأخرى في إفادة العلم:

قال ابن القيم رحمه الله تعالى (٢/ ٣٦٨):

" وإنما أتى منكر إفادة خبر الواحد العلم من جهة القياس الفاسد فإنه قاس المخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - بشرع عام للأمة، أو بصفة من صفات الرب تعالى على خبر الشاهد على قضية معينة، ويا بعد ما بينهما ‍! فإن المخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - لو قدر أنه كذب عمداً أو خطأ، ولم يظهر ما يدل على كذبه لزم من ذلك إضلال الخلق، إذ الكلام في الخبر الذي تلقته الأمة بالقبول، وعملت بموجبه، وأثبتت به صفات الرب وأفعاله، فإن ما يجب قبوله شرعاً من الأخبار لا يكون باطلا في نفس الأمر، لاسيما إذا قبلته الأمة كلهم وهكذا يجب أن يقال في كل دليل يجب اتباعه شرعاً، لا يكون إلا حقاً، فيكون مدلوله ثابتاً في نفس الأمر، هذا فيما يخبر به عن شرع الرب تعالى وأسمائه وصفاته، بخلاف الشهادة المعينة على مشهود

<<  <  ج: ص:  >  >>