أو مشهورًا أو متواترًا، لأن هذه المراتب يستفيد منها أهل الاختصاص والمعرفة والعلم، ويضيع بينها غيرهم؛ فلذلك لا ينبغي لعامة المسلمين أن يلجوا هذه المساحة، وإنما عليهم فقط أن يعرفوا صح الحديث عند أهل العلم ... فإذا صح انتهى الأمر.
حديث الآحاد في واقع الأمر يفيد الظن الغالب، هذا هو الأصل في خبر الآحاد، لكن كما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: خبر الآحاد إذا اقترنت به قرينة من قرائن أفاد بسبب انضمام هذه القرائن إليه العلم واليقين، وكما ترى من هو الذي يستطيع أن يميز حديث آحاد له قرينة أو قرائن من حديث آحاد ليس له قرينة، فالمرجع في ذلك إذًا إلى أهل العلم، ولكن لنقُل الآن: نأخذ أعلى درجة في الحديث، هو كما تعلمون الحديث المتواتر، فكون الحديث متواترًا عند زيد من الناس من أهل الاختصاص فيلزم منه أن يكون متواترًا عند عمر من أهل الاختصاص، والعكس بالعكس، فما بالكم إذا كان الحديث متواترًا عند زيد من أهل العلم فهل من الضروري أن يكون متواترًا عند غير أهل العلم؟
وقد قلت مرة، وكررت ذلك بمناسبة أو بأخرى: من جماعة حزب التحرير الذين نشروا هذه البلبلة في العصر الحاضر بين عامة المسلمين، وهي ... أن الحديث الآحاد لا تثبت به عقيدة، قلت لهؤلاء: معنى ذلك أو لازم ذلك أنكم لا تتبنون عقيدة من حديث! ولو كان متواترًا، قالوا: كيف ذلك؟ فشرحت لهم الأمر بنحو ما ذكرت آنفًا: أن قضية التواتر قضية نسبية، قلت لهم مثلًا: حينما يجري النقاش في بعض المسائل الفقهية بين الحنفية الشافعية، أو بين الحنفية وأهل الحديث مثلًا، يتناقشون حول حديث صريح الدلالة لكنه ليس متواترًا، لأن من فلسفة مذهب الحنفية: أن النص الذي فيه الفرضية في الأحكام الفقهية يشترط فيه