بمعنى: لا صلاة كاملة، لماذا؟ للسبب الذي ذكرته آنفًا وهو أنهم لا يثبتون فرضًا فضلًا عن أن يثبتوا ركنًا أو شرطًا، ولا يخفى أن الركن والشرط أقوى من الفرض، فإذا لم يثبتوا الفرض بحديث آحاد فمن باب أولى لا يثبتون ركنًا أو شرطًا بحديث آحاد، على ذلك فهم تأولوا الحديث بهذا التأويل؛ لأنه عندهم حديث آحاد، بينما علماء الحديث قد حكموا بهذا الحديث بأنه يفيد شرطية قراءة الفاتحة.
والرد على الحنفية الذين قالوا: بأنه حديث آحاد، يقال: أمير المؤمنين في الحديث يقول كما ذكرت آنفًا: تواتر الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال:«لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» فإذًا: الحديث هنا عند الحنفية آحاد وعند البخاري متواتر، فالقضية قضية نسبية ما كان متواترًا عند هؤلاء لا ينبغي، أو لا يجب على الأقل أن يكون متواترًا عند أولئك.
كنت أتحدث عن حزب التحرير في هذا الزمان الذي أشاع هذه الفلسفة: أن حديث الآحاد لا تثبت به عقيدة، فلما ناظرتهم وجادلتهم في هذه المسألة قلت لهم: ما ذكرته آنفاً: لازم هذا أنكم .. لا تتقربون إلى الله تبارك وتعالى باعتقاد ما في حديث؛ لأنه حديث آحاد، قالوا: كيف؟ شرحت لهم أن كون الحديث آحادًا أو متواترًا هي قضية نسبية كما ذكرت آنفًا.
والآن قلت لهم: أقول لكم: لو فرضنا أن الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله هو أكبر محدث على وجه الأرض، طبعًا وهم يعلمون أنه ليس كذلك، وكان الرجل من فقهاء العصر الحاضر وفقهه تقليدي ليس فقه على بصيرة كما ينبغي أن يكون عليه كل مسلم، وبخاصة إذا كان عالمًا، فقلنا لهم: أفترض أن الرجل أكبر عالم في الحديث، قال لكم: تواتر الحديث الفلاني عن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عندي، فهو سيظل متواترًا عنده، أما عندكم كأفراد سيصبح آحادًا، لماذا؟ لأن علماء الحديث