للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء الأول: أنهم كُفِّرُوا بغير حجة زعموا, لكن الشيء الآخر: أنهم ضللوا؛ لأنهم خالفوا تفسير الرسول للقرآن والسلف الصالح أيضاً بدون حجة سوى أقوال المشايخ تبعهم، وذلك هو الضلال المبين .. أنا شخصياً كما قلت: نضلل هؤلاء ولا نكفرهم؛ لأن الله عز وجل هو العليم بما في صدورهم .. أجحداً ينكرون علينا أن كلام الله عز وجل صفة من صفاته وهذه حقيقة لا يمكن الإنسان يتخلص منها إذا تجرد من المذهبية الضيقة، أم والله ما ظهرت لهم الحقيقة فإذاً: حسابهم إلى الله تبارك وتعالى.

ختاماً: عندنا حديث له صلة وثقى بالتحرج من الحكم بمصير هؤلاء الضالين عند رب العالمين، وأننا نقف إلى الحكم بأنهم ضلوا، أما أنهم كفار وأنهم مخلدون في النار فأمره إلى الله، قال عليه السلام: «كان فيمن قبلكم رجل لم يعمل خيراً قط فلما حضرته الوفاة جمع أولاده حوله فقال لهم: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: فإني مذنب مع ربي ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً فإذا أنا مت فخذوني وحرقوني بالنار ثم ذروا نصفي في الريح ونصفي في البحر» ماشي حرقوه في النار وأخذوا الرماد نصفه في الريح ونصفه في البحر: «فقال الله عز وجل لذراته: كوني فلاناً فكانت بشراً سوياً، أي عبدي! ماذا حملك على ما فعلت؟ قال: رب خشيتك، قال: فقد غفرت لك» (١).

هذا الرجل في معيارنا نحن كَفَرَ وهو الذي يصدق عليه قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} (يس:٧٨، ٧٩) فربنا عز وجل عامله بخلاف معاييرنا نحن البشرية ..


(١) البخاري (رقم٣٢٦٦) ومسلم (رقم٧١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>