رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - مؤكد بأنه على الوجوب أو على الاستحباب، أو جاءك نهي مؤكد أنه للتحريم أو للتنزيه، ذاك الأمر أو هذا النهي إذا فصلت عنها اعتقادك من أن الأمر يفيد الوجوب أو الاستحباب، إذا فصلت اعتقادك عن هذا لم يبق للحكم أثر ما في نفسك، فكذلك بالنسبة للنواهي، واضح هذا أيضًا؟.
إذًا: نستنتج مما سبق أن الحكم لو كان التفصيل السابق الذي ذهب إليه بعض علماء الكلام قديمًا وتبناه بعض المعاصرين حديثًا، لو كان هذا التفريق له وجاهة بين العقائد وبين الأحكام لكان وضعه في الأحكام أولى من العقيدة؛ لأن الحكم قلنا وهذا واضح جدًا يحمل عقيدة فإذا رفعنا العقيدة منه لم يبق له أي تأثير.
إذا عرفنا هذا كله رجعنا إلى سؤالك في الحديث الحسن، فالحديث الحسن إما أن يقال: يثبت به حكم شرعي أو لا يثبت، فإذا كان من المعروف عند جماهير العلماء أنه يثبت فإذًا هو تضمن عقيدة فلا بد من الأخذ به؛ لأنه حكم ولا يضرنا بعد ذلك أن فيه عقيدة؛ لأن هذا أمر شبه متفق عليه في الحديث الحسن، أما الحديث الصحيح فما في إشكال أنه يجب العمل به في الأحكام، وإذا عرفنا ما سبق من البيان فالعمل بالحديث الحسن يتضمن حكمًا ومعنى هذا: أنه إذا جاء خبر لا يتضمن حكمًا لكن يتضمن عقيدة ولكن إسناده حسن وجب الأخذ به كما وجب الأخذ به في الحكم؛ لأنه حكم زائد عقيدة.
ومما يتفرع من هذا الكلام هو في اعتقادي شيء هام؛ لأنه لا يوجد مسطورًا فيما علمت، ما قلته أيضًا لأولئك الحزبيين: هأنتم تفرقون عمليًا بين حديث الآحاد في العقيدة وحديث الآحاد في الأحكام، فماذا تفعلون إذا جاء حديث يحمل في طواياه عقيدة من جهة، وحكمًا من جهة؟ ولو أنه عندنا كما بينا لا فرق بين حديث فيه حكم أو حديث فيه عقيدة، فمن كان فيه حكم أو من كان فيه حكم ففيه عقيدة،