للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رب العالمين: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى} [طه:١٢١] وقول القرآن الكريم بالنسبة لنبينا عليه السلام: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} [عبس:١] .. {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} [التوبة:٤٣]، هذا كله يدل على أن النبي ممكن أن يتعرض لما لا يليق بمقام نبوته من هذه الصغائر، لكن هل هذا يعيبهم؟

الجواب: لا؛ لأن هذه مقتضى البشرية.

كما نقول: هل يعيب النبي والرسول أن يتعرض لما يتعرض له الناس عامة من مثل السهو والنسيان؟

نقول: لا، لا مانع من أن يتعرض أحد من الرسل والأنبياء لمثل هذا؛ لأنه لا يمس مقام الدعوة التي أرسل بها إلى الناس كافة.

فقوله عليه السلام فيما أخرجه الشيخان من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حينما صلى بهم صلاة الظهر خمس ركعات، فلما سلم قالوا له: «صليت خمساً. فسجد سجدتي السهو، ثم قال عليه السلام: إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني» (١).

فلا يضر مقام النبوة ولا الرسالة أن يقع منهم مما الأكمل أن لا يقع، لكن الكمال المطلق لله عز وجل، الأكمل أن لا ينسى الرسول عليه السلام، لكن حكمة الله عز وجل اقتضت أن ينسى الرسول لكن هذا النسيان لا يمس الدعوة؛ لأنه لا ينسى ما يتعلق بالدعوة، ولذلك يشير ربنا عز وجل إلى هذه الحقيقة بقوله تعالى: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنسَى، إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} (الأعلى:٦، ٧) من أن تنسى آية قد بلغتها الناس، أي: أديت الرسالة وبلغت الأمانة، فممكن أن يعرض للرسول عليه السلام


(١) "صحيح البخاري" (رقم٣٩٢) و"صحيح مسلم" (رقم ١٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>