إذا تحقق بمعناهما.
الأولى: كونه - صلى الله عليه وآله وسلم - عبداً لله تعالى, كغيره من عباده تعالى, فهو مثلهم من هذه الناحية, كما قال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ}. وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -:
«إنما أنا بشر مثلكم؛ أنسى كما تنسون, فإذا نسيت فذكروني» وقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: «لا تطروني كما أَطْرَتِ النصارى عيسى ابن مريم, إنما أنا عبد. فقولوا: عبد الله ورسوله».
ولذلك فلا يجوز لمسلم يشهد هذه الشهادة أن ينزله - صلى الله عليه وآله وسلم - منزلةً فوق التي أنزله الله تعالى فيها؛ فإن ذلك مما لا يرضاه - صلى الله عليه وآله وسلم - , كما قال في الحديث:
«أنا محمد بن عبد الله, عبد الله ورسوله, والله! ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل». ولا أن يمدحه إلا بمدحه الله به, أو بما صحت به الأحاديث والأخبار, فمدحه - صلى الله عليه وآله وسلم - بمثل قول بعضهم:
فإن من جودك الدنيا وضَرّتها ... ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذا القول مما يتنافى مع الشهادة بالعبودية لمحمد - صلى الله عليه وآله وسلم - , وهو القائل - كما حكاه الله تعالى في القرآن الكريم-: {وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ}. وهو القائل للجارية التي كنت تندب من قتل يوم [بدر] , ثم قالت: وفينا نبي يعلم ما في غد. فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -:
«لا تقولي هكذا, وقولي كما كنت تقولين».
ولذلك قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديث لها في"الصحيحين": ومن حدثكم أن محمداً - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يعلم ما في غد؛ فقد أعظم على الله الفرية.