للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو الحق عندي لما عرفت من سلامة إسناده من قادح، وما أشرنا إليه من الكلام في بعض رواته لا ينافي القول بحسنه لا سيما إذا علمنا مجيئه من طرق أخرى، فقد قال السيوطي في "الخصائص الكبرى" (١/ ٨٤):

"قال البيهقي: هذه القصة مشهورة عند أهل المغازي.

قلت: ولها شواهد عدة سأوردها تقضي بصحتها، إلا أن الذهبي ضعف الحديث لقوله في آخره: "وبعث معه أبو بكر بلالاً" ... وقد قال ابن حجر في "الإصابة":الحديث رجاله ثقات, وليس فيه منكَر سوى هذه اللفظة، فتحمل على أنها مدرجة فيها مقتطعة من حديث آخر وهماً من أحد رواته".

ثم ساق السيوطي الشواهد التي أشار إليها فليراجعها من شاء فإن الكلام عليها مما يطيل البحث، ولا مجال لذلك الآن.

بقي علينا أن ندفع شبهة أخرى على هذه المعجزة وقد تعلق بها الذهبي أيضاً، فإنه قال عطفاً على قوله السابق في "التاريخ":

"وأيضاً فإذا كان عليه غمامة تظله كيف يتصور أن يميل فيء الشجرة لأن ظل الغمامة تقدم فَيْءَ الشجرة التي نزل تحته".

فأقول: إنما يصح هذا الاستشكال لو كان في الحديث التصريح بأن الفيء مال مع بقاء الغمامة عليه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وليس في الحديث شيء من هذا، فمن الجائز أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - لما جلس عند الشجرة عليه ليظله بدل الغمامة، عليه فيكون قد ظهرت له - صلى الله عليه وآله وسلم - في هذه القصة معجزتان الأولى تظليل الغمامة له، والأخرى ميل الفيء عليه، وهو - صلى الله عليه وآله وسلم - أهل لذلك ولما هو أكثر منه بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وآله وسلم -، نقول هذا وإن كنا لسنا والحمد لله من الذين ينسبون إليه - صلى الله عليه وآله وسلم - ما هب ودب مما لم يصح من المعجزات،

<<  <  ج: ص:  >  >>